الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا شكّ أنّ حقّ الأمّ عظيم، وبرها وطاعتها في المعروف من أوجب الواجبات، لكنّ المرأة إذا تزوجت، فإن لزوجها عليها حقا عظيما، وإذا تعارضت طاعة زوجها مع طاعة والديها فطاعة زوجها أحق، وإذا أمرها والداها بفراق زوجها لم تلزمها طاعتهما في ذلك، قال المرداوي ـ الحنبلي: لا يلزمها طاعة أبويها في فراق زوجها ولا زيارة ونحوها، بل طاعة زوجها أحق. الإنصاف للمرداوي.
فإذا كانت أمها تحرضها على فراق زوجها دون مسوّغ شرعي فهي آثمة ومرتكبة لمعصية كبيرة، ولا طاعة لها في هذا الأمر، كما أنه لا يحق لها منعها من الرجوع لزوجها فضلا عن مقابلته والخروج معه، فلا حرج عليها في لقاء زوجها والخروج معه، بل والرجوع لبيته دون علم أمها.
واعلمي أنّ الطلاق لا ينبغي أن يصار إليه إلا عند تعذر جميع وسائل الإصلاح، فالطلاق ليس بالأمر الهين لا سيما مع وجود أولاد، فإذا أمكن للزوجين الاجتماع والمعاشرة بالمعروف ولو مع التغاضي عن بعض الهفوات والتنازل عن بعض الحقوق، كان ذلك أولى بلا شك من الفراق، فلتحذر من الاستسلام لما يريده أهلها من هدم البيت وتشتيت الأسرة، ولترجع لزوجها وتعاشره بالمعروف حتى ولو غضبت أمها من ذلك، لكن عليها أن تداوم على برها والإحسان إليها بما لا يتعارض مع حق زوجها واستقرار بيتها وأولادها .
والله أعلم.