الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فصاحب الحدث ـ سواء كان انفلات ريح أو غيره ـ يلزمه أن يتوضأ لكل صلاة بعد دخول الوقت، ثم يصلي بذلك الوضوء، ويطوف به في جميع الوقت، لقول النبي صلى الله عليه وسلم للمستحاضة: وتوضئي لكل صلاة.
وإذا توضأ بعد دخول الوقت للطواف صلى بذلك الوضوء الفريضة وما شاء من النوافل، وإن توضأ للصلاة بعد الوقت جاز له أن يطوف بذلك الوضوء ما دام في الوقت، للحديث المذكور، وراجع فتوانا رقم: 9346.
فعلم مما ذكر أنه كان من واجبك ـ وقد علمت بخروج وقت الظهر ـ أن تعيد الوضوء لما بقي عليك من أشواط الطواف، لأن وضوءك قد انتقض بخروج الوقت، ولا يلزم إعادة ما سبق من الأشواط، لأن الموالاة في الطواف ليست واجبة على القول المعتمد، وراجع في ذلك فتوانا رقم: 49819.
وما ذكر من انتقاض الوضوء بخروج الوقت هو مذهب الجمهور، وعند المالكية أن الحدث إذا لازم أكثر الزمن فإنه لا ينقض به الوضوء، ومذهب الجمهور هو المرجح عندنا.
واشتراط الطهارة للطواف هي ما ذهب إليه الجماهير من المالكية والشافعية والحنابلة، فإذا طاف المرء فاقدًا لها فطوافه باطل لا يعتد به.
وقال الحنفية: إن الطهارة من الحدث ومن الخبث واجب للطواف، وهو رواية عن أحمد، قال ابن قدامة في المغني: وعن أحمد: أن الطهارة ليست شرطاً، فمتى طاف غير متطهر أعاد بمكة، فإن خرج إلى بلده جبره بدم. هـ.
وعلى ما ذهب إليه الحنفية ومن معهم، فطوافك صحيح، لكن تجب إعادته ما دمت بمكة، وإلا وجب عليك الفداء.
فالحاصل: أن صلاتك للعصر كانت باطلة عند الجمهور وصحيحة عند المالكية، والأبرأ لك إعادتها.
وأن طوافك كان صحيحا عند الحنفية والمالكية وفي وجه عن الحنابلة، وباطل عند الشافعية وفي المشهور من مذهب الحنابلة، وأن غير المالكية ممن يقولون بصحته يلزمونك دما.
وعليه، فإن استطعت الرجوع إلى مكة وإعادة طوافك كان ذلك أحوط لك، وإن لم تستطع واكتفيت بطوافك الأول وذبحت نسكا يقسم على أهل الحرم، رجونا أن لا يكون عليك بأس في ذلك.
والله أعلم.