الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد فصلنا القول في حكم هذه الإفرازات في فتاوى كثيرة، وخلاصة ما نرجحه أن هذه الإفرازات طاهرة، وأنها ناقضة للوضوء.
ومن ثم، فلا يجب عليك الاستنجاء منها ولا تطهير ما أصاب ثيابك منها، وإن كان ذلك أولى خروجا من الخلاف، ثم إن كنت تجدين في أثناء وقت الصلاة زمنا يتسع لفعل الصلاة بطهارة صحيحة، فعليك أن تنتظري مجيء هذا الزمن الذي ينقطع فيه خروج تلك الإفرازات فتتوضئين وتصلين فيه، وإن خرجت منك هذه الإفرازات في أثناء الصلاة فإنك تقطعينها وتعيدين الوضوء والصلاة، وكذا إذا خرجت منك في أثناء الطواف فإنك تقطعين طوافك وتعيدين الوضوء، وتكملين طوافك، ولا يلزمك إعادته من أوله في قول كثير من العلماء، وهذا كله على القول بأن هذه الإفرازات ناقضة للوضوء ـ وهو الراجح عندنا ـ خلافا لابن حزم ـ رحمه الله.
وأما إن كان خروج هذه الإفرازات مستمرا، بحيث لا تجدين وقتا في أثناء وقت الصلاة يتسع لفعل الصلاة بطهارة صحيحة: فحكمك حكم المصاب بالسلس فتتوضئين لكل صلاة بعد دخول وقتها وتستبيحين بوضوئك هذا ما لا يستباح إلا بطهارة ـ كالصلاة فرضا ونفلا والطواف ومس المصحف ـ ما لم يخرج وقت تلك الصلاة التي توضأت لها، فإذا خرج الوقت انتقضت طهارتك ولزمك إعادة الوضوء، ما لم تحدثي بحدث آخر في أثناء الوقت.
وبهذا يتبين لك ما تفعلينه في عمرتك من الوضوء بعد دخول الوقت إن كان حكمك هو حكم المصاب بالسلس ولا يجزئك الوضوء قبل دخول الوقت، إلا على مذهب مالك ـ رحمه الله ـ والذي يرى أن الحدث الدائم لا ينتقض به الوضوء، وانظري الفتاوى التالية أرقامها: 110928، 125439، 130475، 127682.
والله أعلم.