الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فوقت زوال الشمس هو الوقت الذي تزول فيه الشمس عن كبد السماء إلى جهة المغرب, فمن المعلوم أن الشمس تظهر من جهة المشرق ثم تصعد في السماء شيئا فشيئا حتى تصل إلى كبد السماء قبيل الظهر, فإذا مالت عن كبد السماء وبدأت تسير إلى جهة المغرب فهذا هو وقت زوالها وعندها يدخل وقت صلاة الظهر.
وبهذا يتبين أن الأربع ركعات المشار إليهما في الحديث ليست سنة الضحى, بل هي إما أن تكون راتبة الظهر القبلية, أو تكون أربعا أخرى غيرها، كما قال ابن القيم في زاد المعاد: وَقَدْ يُقَالُ إنّ هَذِهِ الْأَرْبَعَ لَمْ تَكُنْ سُنّةَ الظّهْرِ، بَلْ هِيَ صَلَاةٌ مُسْتَقِلّةٌ كَانَ يُصَلّيهَا بَعْدَ الزّوَالِ كَمَا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ أَحْمَد ُعَنْ عَبْدِ اللّهِ بْنِ السّائِبِ أَنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ كَانَ يُصَلّي أَرْبَعًا بَعْد أَنْ تَزُولَ الشّمْسُ، وَقَالَ إنّهَا سَاعَةٌ تُفْتَحُ فِيهَا أَبْوَابُ السّمَاءِ فَأُحِبّ أَنْ يَصْعَدَ لِي فِيهَا عَمَلٌ صَالِحٌ. هـ.
وقال المباركفوري في شرح المشكاة عن هذه الركعات الأربع: هذه سنة الزوال، وهي غير سنة الظهر.
قال ابن القيم: هذه الأربع صلاة مستقلة كان يصليها بعد الزوال، وورد مستقل سببه انتصاف النهار وزوال الشمس، وسر هذا ـ والله تعالى أعلم ـ أن انتصاف النهار مقابل لانتصاف الليل، وأبواب السماء تفتح بعد زوال الشمس ويحصل النزول الإلهي بعد انتصاف الليل، فهما وقتا قرب ورحمة، هذا يفتح فيه أبواب السماء، وهذا ينزل فيه الرب تبارك وتعالى إلى سماء الدنيا. انتهى.
وقيل: بل هي سنة الظهر القبلية.
والحديث رواه الترمذي في الشمائل بلفظ: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدمن أربع ركعات عند زوال الشمس، فقلت: يا رسول الله، إنك تدمن هذه الأربع ركعات عند زوال الشمس؟ فقال: إن أبواب السماء تفتح، فلا ترتج حتى يصلى الظهر، فأحب أن يصعد لي في تلك الساعة خير. الحديث.
ورواه الطبراني في الكبير والأوسط بلفظ: لما نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم علي رأيته يديم أربعاً قبل الظهر، وقال: إنه إذا زالت الشمس فتحت أبواب السماء. هـ.
واللفظ الذي أورده الأخ السائل هو لفظ رواية الطبراني والترمذي في الشمائل ـ أيضا ـ وقد صححه الألباني في مختصر الشمائل.