الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإنه لا يجوز لك الانتفاع بخدمة الأنترنت المملوكة للغير إلا بإذن منه، للحديث الذي في الصحيحين: إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام.
واستخدامك لهذه الخدمة بدون رضى صاحبها يعد اعتداء وخيانة، جاء في مواهب الجليل شرح مختصر خليل: في التنبيهات: الغصب في لسان العرب: منطلق على أخذ كل ملك بغير رضا صاحبه ـ من شخص أو مال أو منافع ـ وكذلك التعدي سراً أو جهراً، أو اختلاساً، أو سرقة، أو جناية، أو قهراً، غير أن الغصب استعمل في عرف الفقهاء في أخذ أعيان المتملكات بغير رضا أربابها وغير ما يجب على وجه القهر والغلبة من ذي سلطان وقوة، واستعمل المتعدي عرفاً: في التعدي على عينها أو منافعها، سواء كان للمتعدي في ذلك يد بيد أربابها أو لم يكن كالقراض، والودائع، والإجارة، والصنائع، والبضائع، والعواري. انتهى.
ولكن قد تنصب الدولة بعض الشبكات اللاسلكية في الأماكن العامة لخدمة الناس وتمكينهم منها، فلا حرج في استخدامها والانتفاع بها للإذن العام، فانظر فيما يصل إليك من شبكات هل هو عام فجوز لك التقاطه دون إذن؟ أو هو خاص بمالك معين، فلا يجوز فيه ذلك إلا بإذنه ورضاه ولو لم يكن محميا بكلمة سر ونحوها.
وبالتالي، فإن من انتفع بشبكة مملوكة للغير، فعليه أن يستسمح من صاحبها إن استطاع الوصول إليه، فإن أبرأه فبها ونعمت، وإلا فيلزمه أن يؤدي إليه قيمة ما انتفع به من حقه، قال ابن عبد السلام في قواعد الأحكام: وأما المنافع فضربان:
الضرب الثاني: أن تكون المنفعة مباحة متقومة فتجبر في العقود الفاسدة والصحيحة والفوات تحت الأيدي المبطلة والتفويت بالانتفاع، لأن الشرع قد قومها ونزلها منزلة الأموال، فلا فرق بين جبرها بالعقود وجبرها بالتفويت والإتلاف.
وصاحب الشبكة قد ملك المنفعة واعتاض عنها ماله لدى شركة الاتصال، فمن استهلك تلك المنفعة بغير إذنه ضمنها، لكن إن جهل صاحب الشبكة أو لم يستطع الوصول إليه فليتصدق بقدر قيمة ما انتفع به من تلك الشبكات عن أصحابها، وليتب إلى الله تعالي توبة نصوحا.
ومن شروط التوبة: الإقلاع عن المعصية، والندم عليها، والعزيمة أن لا يعود إليها، وإن كان فيها اعتداء على حق الغير رده إليه أوتحلله منه.
وأما ما أنجز من العمل عن طريق تلك الشبكات: فلا حرج في الانتفاع به، المهم أن ترد الحق إلى أصحابه بما ذكرناه.
والله أعلم.