الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا شك أن الورع هو البعد عن كل ما كان أصله فضلة حيوان، ولكن فضلات الحيوان الذي يجوز أكل لحمه طاهرة على الراجح من أقوال أهل العلم لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أناساً من الأعراب قدموا المدينة ومرضوا فيها أن يشربوا من أبوال الإبل وألبانها، كما في الصحيحين وغيرهما من حديث أنس بن مالك قال: قدم رهط من عرينة وعكل على النبي صلى الله عليه وسلم، فاجتووا المدينة، فشكوا ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: لو خرجتم إلى إبل الصدقة فشربتم من أبوالها وألبانها ففعلوا.
هذا وينبغي لمن أراد استعمال شيء من فضلات الحيوان -غير أبوال الإبل- أن يراجع الأطباء المختصين فالأصل في الفضلات أن تكون ضارة لا نافعة، أما أبوال الإبل فيكفي في شأنها إذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في شربها فهي نافعة قطعا لا ضارة.
وقال ابن القيم في زاد المعاد : وفي القصة: دليل على التداوي والتطبب، وعلى طهارة بول مأكول اللحم، فإن التداوي بالمحرمات غير جائز، ولم يؤمروا مع قرب عهدهم بالإسلام بغسل أفواههم، وما أصابته ثيابهم من أبوالها للصلاة، وتأخير البيان لا يجوز عن وقت الحاجة. اهـ.
وقال الشيخ البسام في شرح عمدة الأحكام :
في الحديث مشروعية التداوي وفعل الأسباب، وطهارة أبوال الإبل، ووجهته أن التداوي بالنجس والمحرم لا يجوز.
ولو فرض أن النبي صلى الله عليه وسلم أذن لهم في شربها للضرورة، فإنه لم يأمرهم بغسل أفواههم وأوانيهم. و (تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز) ويقاس على الإبل، سائر الحيوانات المباحة الأكل. اهـ.
أما إذا كانت الفضلات من حيوان غير مأكول اللحم فهي نجسة لا يجوز استعمالها إلا إذا تغيرت عينها بالاستحالة، وقد ذكرنا حكم استعمال النجس إذا تحول عن أصله بالتفصيل في الفتويين: 6783، 18817فلتراجعا.
والله أعلم.