الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فاعلمي أن كل ما يصيبك إنما هو قدر من أقدار الله التي كتبها قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة ، والتي يجريها على عباده بحكمته البالغة ورحمته الواسعة ، فهو سبحانه أرحم بنا من آبائنا وأمهاتنا، وأعلم بمصالحنا من أنفسنا ، قال تعالى: وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ. {البقرة:216}.
فلا تأسفي على هذا الخاطب ، فلعل الله أراد بك خيرا بصرفه عنك ولعل الله يعوضك خيرا منه.
قال ابن القيم : والعبد لجهله بمصالح نفسه وجهله بكرم ربه وحكمته ولطفه لا يعرف التفاوت بين ما منع منه وبين ما ذخر له، بل هو مولع بحب العاجل وإن كان دنيئا وبقلة الرغبة في الآجل وإن كان عليّا. الفوائد.
و إذا كانت أم هذا الخاطب تسيء إليك كما ذكرت فهي آثمة و ظالمة لك ، لكن الأولى أن تصفحي عنها وتعرضي عن أقاويلها ، فإنّ في العفو عن المسيء خيراً عظيما وهو سبيل لنيل عفو الله ومغفرته.
وننصحك أن تصبري و تحسني ظنك بالله ، واعلمي أنك إن استقمت على طاعة الله وصبرت ، فلن يضيعك الله أبداً ، وأبشري بكلّ خير ، قال تعالى: إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ. {يوسف:90}.
والله أعلم.