الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد اختلف العلماء في جواز اتخاذ الكلب لحراسة الدور ونحوها، والراجح جوازه قياسا على ما أذن في اتخاذه من كلب الصيد والحرث والماشية، قال العراقي في طرح التثريب: وقال أصحابنا وغيرهم : يجوز اقتناء الكلب لهذه المنافع الثلاثة ـ وهي: الاصطياد به وحفظ الماشية والزرع ـ واختلفوا في اقتنائه لخصلة رابعة، وهي اقتناؤه لحفظ الدور والدروب ونحوها، فقال بعض أصحابنا: لا يجوز لهذا الحديث وغيره، فإنه مصرح بالنهي إلا لأحد هذه الأمور الثلاثة, وقال أكثرهم ـ وهو الأصح: يجوز قياسا على الثلاثة عملا بالعلة المفهومة من الحديث، وهي الحاجة. انتهى.
وعليه، فاتخاذ الكلب المأذون في اتخاذه جائز وليس محرما ولا مكروها؛ ولكن الأولى أن لا يدخل الكلب إلى داخل البيت، لأن كثيرا من العلماء يرون أنه وإن كان مأذونا في اتخاذه بحيث ينتفي الإثم عن متخذه، لكنه يمنع دخول الملائكة للبيت، لعموم النص، وهذا هو الذي رجحه النووي ـ رحمه الله ـ وأيضا فإن وجود الكلب داخل البيت يعرض الأوعية والثياب ونحو ذلك للتنجس، وتغليظ نجاسة الكلب معلوم لا يخفى، وعلى هذا فيجعل الكلب خارجا عن البيت، لما ذكرناه، قال النووي ـ رحمه الله: قال الخطابي: وإنما لا تدخل الملائكة بيتا فيه كلب أو صورة مما يحرم اقتناؤه من الكلاب والصور، فأما ما ليس بحرام من كلب الصيد والزرع والماشية والصورة التي تمتهن في البساط والوسادة وغيرهما: فلا يمتنع دخول الملائكة بسببه، وأشار القاضي إلى نحو ما قاله الخطابي، والأظهر أنه عام في كل كلب، وكل صورة، وأنهم يمتنعون من الجميع لإطلاق الأحاديث، ولأن الجرو الذي كان في بيت النبي صلى الله عليه وسلم تحت السرير كان له فيه عذر ظاهر، فإنه لم يعلم به، ومع هذا امتنع جبريل صلى الله عليه وسلم من دخول البيت وعلل بالجرو، فلو كان العذر في وجود الصورة والكلب لا يمنعهم لم يمتنع جبريل. انتهى.
والله أعلم.