الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فاعلمي ـ أولا ـ أن القنوت إنما يشرع في جميع الصلوات إذا نزلت بالمسلمين نازلة عامة، ولا يشرع لأمر يخص المصلي، فإن السنة إنما وردت بالقنوت في النوازل، قال النووي: الصحيح المشهور الذي قطع به الجمهور: إن نزلت بالمسلمين نازلة ـ كخوف أو قحط أو وباء أو جراد أو نحو ذلك ـ قنتوا في جميعها، وإلا فلا. انتهى.
فإذا نزلت بالمسلمين نازلة استحب القنوت في الصلوات الخمس، وهو في الصبح والمغرب آكد، وفي القنوت للمنفرد خلاف، والراجح أنه يستحب له، وهو اختيار شيخ الإسلام، جاء في حاشية الروض: والإمام الأعظم هو الذي يقنت، فيتعدى الحكم إلى من يقوم مقامه، وعن أحمد: نائب الإمام يقوم مقامه، اختاره جماعة، لقيامه مقامه، وعنه: ويقنت إمام جماعة، وعنه: كل مصل، اختاره الشيخ، قال: ولا يقنت في غير الوتر، إلا أن تنزل بالمسلمين نازلة، فيقنت كل مصل في جميع الصلوات، لكنه في الفجر والمغرب آكد بما يناسب تلك النازلة، كما أنه إذا دعا في الاستسقاء دعا بما يناسب المقصود، كما جاءت به السنة، ولا يدعو بما خطر له. انتهى.
وإذا وجد السبب المسوغ للقنوت، فإنه يجوز فعله وتركه، فإذا فعله المصلي فقد أحسن، وإن تركه فلا بأس، ولا تلزم المداومة عليه.
وبما مر تعلمين أنك إن كنت قنتت حيث يجوز القنوت فقد أحسنت ولا تلزمك المداومة على القنوت، وإن كنت قنتت حيث لا يشرع لك القنوت فلا تعودي لذلك مرة أخرى واجتهدي في الدعاء بحاجاتك الخاصة، حيث يشرع الدعاء في الصلاة ـ كالدعاء في السجود وبعد التشهد قبل التسليم ـ ولا يلزمك إعادة شيء من الصلوات، لأن غاية ما في الأمر أنك أتيت بذكر في غير موضعه، وهذا لا يبطل الصلاة.
والله أعلم.