الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن فضل تلاوة القرآن الكريم والاستماع إليه أمر مسلَّم به عند كل مسلم، وقد بينا طرفا من ذلك في الفتاوى التالية أرقامها: 119630، 118267،66271، 30802فنرجو أن تطلع عليها وعلى ما أحيل عليه فيها.
ولكن لا ينبغي أن يقرأ القرآن أو يرفع به الصوت في الأماكن التي يتأذى الناس به فيها أو يستغرقون عنه في أعمالهم، فقد قال الحافظ في الفتح عند شرحه لحديث: إني لأعرف أصوات الأشعريين بالقرآن. قال: وفيه أن رفع الصوت بالقرآن بالليل مستحسن، لكن محله إذا لم يؤذ أحدا.
وقال البيهقي في الشعب: فصل في رفع الصوت بالقرآن إذا لم يتأذ به أصحابه، أو كان وحده، أو كانوا يستمعون له.
وقال الرحيباني في مطالب أولي النهى: وحرم رفع صوت القارئ بها ـ أي: بالقراءة ـ بالأسواق مع اشتغالهم أي: أهل الأسواق بتجارة وعدم استماعهم له ـ قال في الفنون: قال حنبل: كثير من الأقوال والأفعال يخرج مخرج الطاعة عند العامة، وهي مأثم عند العلماء، مثل القراءة في الأسواق يصيح فيها أهل السوق بالنداء والبيع، ولا أهل السوق يمكنهم الاستماع، وذلك، لما فيه من الامتهان.
وقال في شرح المنتهى: لا يجوز رفع الصوت بالقرآن في الأسواق مع اشتغال أهلها بتجارتهم وعدم استماعهم له، لما فيه من الامتهان.
وعلى العموم، فإن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن رفع الصوت بالقرآن إذا ترتب عليه أذى، كما في الموطإ وغيره أنه صلى الله عليه وسلم قال: ولا يجهر بعضكم على بعض بالقراءة في الصلاة.
والله أعلم.