الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا تعارض بين الفتويين, فنحن إنما أفتينا بلزوم تجديد العقد في الفتوى الثانية لأن السائلة لم تكن جاهلة بالحكم, فقد دل سؤالها على كونها تعتقد لزوم الطهارة واشتراطها لصحة الطواف وإنما منعها الحياء من الناس من أن تعيد الوضوء, فنحن قد أفتيناها بقول الجمهور الذي نرجحه أصلا بناء على كونها تعتقد صحته فيما يظهر من سؤالها, ولذا قلنا في الفتوى الثانية ما نصه: وإذا كان طوافك لم يقع صحيحا, لكونك فعلت ذلك معتقدة تحريمه, فإنك لم تزالي محرمة حتى أتيت بتلك العمرة التي قام طوافك فيها وسعيك لها مقام ما أفسدته من العمرة السابقة . انتهى .
وإنما سهلنا الخطب في الفتوى الأولى لأن السائلة كانت جاهلة بالحكم، وقد بنينا ذلك على ما بيناه في الفتوى رقم : 125010. من أن الفتوى بالقول المرجوح بعد وقوع الفعل من الجاهل وتعذر التدارك مما سوغه كثير من العلماء .
وأما ما ذكرته من أن تجديد العقد يعد طلاقا ويحسب به طلقة على الزوج على قول من يرون صحة الطواف فكلام غير صحيح , لأن العقد الأول إن كان صحيحا عندهم فإنه لا يبطله هذا العقد الثاني بل يكون لغوا فإن لفظ التزويج الصادر من الولي والقبول الصادر من الزوج ليس من صريح الطلاق ولا من كنايته حتى يقال إنه طلاق، وإنه تترتب عليه حقوق مالية وتبين الزوجة به بينونة كبرى إن كانت الثالثة. وبه يتبين لك أن تجديد العقد هو الأحوط والأبرأ للذمة على كل حال وليس فيه محذور على كلا القولين .
والله أعلم .