الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فصرع الجني للإنسي أمر ثابت شرعا وواقعا، وهذا الأمر لا خلاف فيه بين أهل السنة، وإنما خالف فيه طوائف من أهل البدع كالمعتزلة والجهمية، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: دخول الجن في بدن الإنسان ثابت باتفاق أئمة أهل السنة والجماعة. اهـ.
ومع ذلك فلا يصح بحال الحكم على منكر ذلك بالكفر المخرج من الملة، لخفاء دليل هذه المسألة وكونه ليس قطعي الدلالة، قال الشيخ صالح الفوزان في شرح كتاب التوحيد: الجن يمسُّون الإنس ويخالطونهم ويصرعونهم، وهذا شيء ثابت، لكن من جَهَلَة الناس من يُنكر صَرْع الجن للإنس، وهذا لا يَكْفُر، لأن هذه مسألة خفيّة، ولكنه يُخطّأ فالذي يُنكر مسّ الجن للإنس لا يُكَفَّر، ولكن يضلّل، لأنه يُكذِّب بشيء ثابت أما الذي يُنكر وجودهم أصلاً فهذا كافر. اهـ. وقد سبق لنا بيان ذلك في الفتوى رقم: 130773.
وأما مسألة إمكانية التناكح بين الإنس والجن فمحل خلاف بين أهل العلم، وليس فيها مجال لتبديع المخالف فضلا عن تكفيره، ولا بد هنا من التنبه إلى أن الخلاف في إمكانيته غير الخلاف في مشروعيته، فأكثر أهل العلم على حرمته، ومنهم من صرح بكراهته. فهما مسألتان، والراجح هو إمكانية وقوعه، وحرمة حصوله، وراجع لتفصيل هاتين المسألتين الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 80212 ، 52563 ، 7607.
و(السلسلة الضعيفة) عند الحديث رقم: 5777 ، وكتاب (البرهان على تحريم التناكح بين الإنس والجان).
والله أعلم.