الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا شك أن سعيك في منع حصول الفجور بفندقك أمر يتعين فعله، ولو بالاحتيال للتهرب من حصوله ولكن الكذب معصية، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إياكم والكذب، فإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار. متفق عليه.
وعليه فيتعين عليك التحفظ من الكذب، ولكن لك أن تستعمل المعاريض، والمعاريض جمع معْراض، وهو ذكر لفظ محتمل يفهم منه السامع خلاف ما يريده المتكلم، فقد صح عن عمر وعمران بن حصين أنهما قالا: في المعاريض مندوحة عن الكذب. رواه البخاري في الأدب المفرد، وصححه الألباني .
قال شيخ الإسلام في الفتاوى الكبرى: فإن المعاريض عند الحاجة والتأويل في الكلام، وفي الحلف للمظلوم بأن ينوي بكلامه ما يحتمله اللفظ، وهو خلاف الظاهر، كما فعل الخليل صلى الله عليه وسلم، وكما فعل الصحابي الذي حلف أنه أخوه وعنى أنه أخوه في الدين، وكما قال أبو بكر رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم: رجل يهديني السبيل. وكما قال النبي صلى الله عليه وسلم للكافر الذي سأله ممن أنت؟ فقال: نحن من ماء. إلى غير ذلك أمر جائز. ولم يزل السلف يتحرون التباعد عن الكذب بالتعريض، فكان بعضهم إذا طلبه من يكره أن يخرج إليه وهو في الدار قال للجارية: قولي له: اطلبه في المسجد ولا تقولي له ليس ههنا كيلا يكون كذبا، وكان بعضهم يخط دائرة ويقول للجارية ضعي الأصبع فيها وقولي ليس ههنا، ونحو ذلك من المعاريض.
وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 29954، 47558، 4512.
والله أعلم.