الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فهذا السائل الذي يخرج عقب الجماع إما أن يكون منياً وإما أن يكون مذياً، فإن كان مذياً فيجب غسله من البدن وتطهير ما أصاب الثياب منه بالنضح، وقد بينا في فتاوى كثيرة كيفية تطهير المذي من البدن والثوب وانظر لذلك الفتوى رقم: 50657.
وإن كان منياً فمختلف في نجاسته، والمفتى به عندنا أنه طاهر، وهو مذهب الشافعية والحنابلة، ولمعرفة الفرق بين المني والمذي راجع الفتوى رقم: 34363.
ثم إن الجماع موجب للغسل، فإن ترتب عليه إنزال المني، فخروج المني موجب آخر للغسل وحينئذ يجتمع موجبان للغسل ولا يجب إلا غسل واحد، قال ابن قدامة في الشرح الكبير: وإن اجتمع شيئان يوجبان الغسل ـ كالحيض والجنابة والتقاء الختانين والإنزال ـ فنواهما بغسلة أجزأه عنهما، وهو قول أكثر أهل العلم ـ منهم مالك والشافعي وأصحاب الرأي ـ وروي عن الحسن والنخعي في الحائض والجنب تغتسل غسلين، ولنا أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يغتسل من الجماع إلا واحداً وهو يتضمن التقاء الختانين والإنزال غالباً، ولأنهما سببان يوجبان الغسل فأجزأ الغسل الواحد عنهما كالحدث والنجاسة، وهكذا الحكم إن اجتمعت أحداث توجب الطهارة الصغرى كالنوم واللمس وخروج النجاسة فنواها بطهارته.
انتهى.
وأما إذا خرج المني بعد الغسل: ففي هذه المسألة خلاف أوضحناه في الفتوى رقم: 137307، فانظرها.
والله أعلم.