الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن حسن الظن بالله تعالى شعبة من شعب إيمان العبد، لا يكمل إلا بها، وواجب شرعي يجب عليه أن يتصف به، فقد جاء في الصحيحين، وغيرهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: قال الله تعالى: أنا عند ظن عبدي بي. متفق عليه عن أبي هريرة. وفي رواية: فليظن بي ما شاء.
ومعنى حسن ظن العبد بربه: هو كما قال الإمام النووي في شرح مسلم: قال العلماء: معنى حسن الظن بالله تعالى أن يظن أنه يرحمه، ويعفو عنه. قالوا: وفي حالة الصحة يكون خائفًا راجيًا، ويكونان سواء، وقيل: يكون الخوف أرجح، فإذا دنت أمارات الموت، غلب الرجاء، أو محضه؛ لأن مقصود الخوف الانكفاف عن المعاصي والقبائح، والحرص على الإكثار من الطاعات، وقد تعذر ذلك، أو معظمه في هذه الحال، فاستحب إحسان الظن، المتضمن للافتقار إلى الله تعالى، والإذعان له.
والذي يعبد الله تعالى، ويدعوه، ويستغفره، وهو موقن بالإجابة والمغفرة والرحمة، امتثالا لأمر النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة. الحديث رواه الترمذي، وغيره، وصححه الألباني؛ لا شك أنه يحسن الظن بالله تعالى، قال الحسن البصري: إن المؤمن أحسن الظن بربه، فأحسَنَ العمل، وإن الفاجر أساء الظن بربه، فأساء العمل.
ومما يرسخ حسن الظن في القلب: استحضار قول نبينا صلى الله عليه وسلم: عجبا لأمر المؤمن! إن أمره كله خير ـ وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن ـ إن أصابته سراء شكر، فكان خيرًا له، وإن أصابته ضراء صبر، فكان خيرًا له. رواه مسلم.
وراجعي الفتاوى التالية أرقامها: 96876، 131535، وما أحيل عليه في بعضها، ففيها المزيد من الفائدة عن هذا الموضوع.
والله أعلم.