الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالحمد لله الذي من عليك بالتوبة والإنابة إليه، ووفقك لإقام الصلاة وترك العمل الحرام، ونسأله سبحانه أن لا يزيغ قلبك بعد إذ هداك للإيمان، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
وأما ما سألت عنه فجوابه نجمله في نقاط هي:
أولا: إن أعظم الذنوب التي اقترفتها ـ فيما ذكرت ـ ترك الصلاة والتهاون بها، لأن الصلاة أعظم أركان الإسلام بعد الشهادتين، والتهاون بها والتكاسل عن أدائها من سيما المنافقين، وقد ذهب بعض أهل العلم إلى كفر تارك الصلاة كسلا، وفي حديث جابر ـ رضي الله عنه: بين الرجل وبين الكفر ترك الصلاة. رواه مسلم.
ومن تركها لزمه قضاء ما تركه منها، كما بينا في الفتويين رقم: 512، ورقم: 3146
ثانيا: أن ما جمعته من مال في عملك مع البنوك الربوية أو التدرب فيها على العمل لديها قبل معرفتك بحرمة ذلك والتوبة منه يجوز لك الانتفاع به، وأما ما كسبته منها بعد معرفتك لحرمة العمل في البنوك الربوية فيلزمك التخلص منه وصرفه في مصالح المسلمين، جاء في الاختيارات لابن تيمية ـ رحمه الله ـ ما يلي: ومن كسب مالا حراما برضاء الدافع ثم تاب ـ كثمن الخمر ومهر البغي وحلوان الكاهن ـ فالذي يتلخص من كلام أبي العباس: أن القابض إن لم يعلم التحريم ثم علم جاز له أكله، وإن علم التحريم أولا ثم تاب، فإنه يتصدق به.
وإن كنت لا تعلم قدر ما كسبته بعد معرفة لحرمة ذلك العمل، فعليك أن تحتاط في ذلك بما يبرئ ذمتك، قال ابن تيمية في الفتاوى: المال المأخوذ بوجه محرم إذا خلط بمال حلال فالواجب أن يخرج من ذلك القدر المحرم، وقدر ماله حلال له. اهـ
قال الإمام القرطبي في الجامع لأحكام القرآن (3/ 366): "قَالَ عُلَمَاؤُنَا إِنَّ سَبِيلَ التَّوْبَةِ مِمَّا بِيَدِهِ مِنَ الْأَمْوَالِ الْحَرَامِ إِنْ كَانَتْ مِنْ رِبًا فليردها على من أربى عليه، ومطلبه إِنْ لَمْ يَكُنْ حَاضِرًا، فَإِنْ أَيِسَ مِنْ وُجُودِهِ فَلْيَتَصَدَّقْ بِذَلِكَ عَنْهُ. وَإِنْ أَخَذَهُ بِظُلْمٍ فَلْيَفْعَلْ كَذَلِكَ فِي أَمْرِ مَنْ ظَلَمَهُ. فَإِنِ الْتَبَسَ عَلَيْهِ الْأَمْرُ وَلَمْ يَدْرِ كَمِ الْحَرَامُ مِنَ الْحَلَالِ مِمَّا بِيَدِهِ، فَإِنَّهُ يَتَحَرَّى قَدْرَ مَا بِيَدِهِ مِمَّا يَجِبُ عَلَيْهِ رَدُّهُ، حَتَّى لَا يَشُكَّ أَنَّ مَا يَبْقَى قَدْ خَلَصَ لَهُ فَيَرُدُّهُ مِنْ ذَلِكَ الَّذِي أَزَالَ عَنْ يَدِهِ إِلَى مَنْ عُرِفَ مِمَّنْ ظَلَمَهُ أَوْ أَرْبَى عَلَيْهِ. فَإِنْ أَيِسَ مِنْ وُجُودِهِ تَصَدَّقَ بِهِ عَنْهُ." انتهى
ثالثا: عملك في الشركة المذكورة لا حرج فيه ما دامت تتلزم بالضوابط الشرعية في معاملاتها وليست قائمة على الأمور المحرمة، وما حدث قبلك من مخالفات في الشركة أو في عهدك ولا علاقة لك به، لا يؤثر على عملك فيها، لكن ينبغي لك نصح المسؤولين إن وقعت منهم مخالفة شرعية ـ كوضع فائدة ربوية على الديون عند جدولتها، أو إلزام المتعثر فيه بالسداد بغرامة مالية ونحو ذلك من المخالفات التي تحدث غالبا في الشركات والمؤسسات المالية ـ وللفائدة انظر الفتويين التاليتين: 34865 60002.
والله أعلم.