الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنسأل الله لك العافية مما ألم بك من الوساوس، والذي نحثك عليه وننصحك به وننصح به كل المبتلين بهذا الداء العضال هو الإعراض عن الوساوس وعدم الالتفات إلى شيء منها، بل مهما وسوس لك الشيطان بأن طهارتك باطلة أو صلاتك غير صحيحة أو أنك لم تستنجي الاستنجاء المجزئ فأعرضي عن ذلك كله، ولا تسترسلي مع هذه الوساوس فإن الاسترسال مع الوساوس يجلب من العناء والشقاء شيئا عظيما، وانظري للفائدة الفتوى رقم: 51601 ورقم: 134196.
وأما بخصوص مسألتك فإن غسلك صحيح وصلاتك صحيحة ولا يلزمك إعادة شيء من ذلك، فإننا لو فرضنا صحة ما ذكرته من أنك رأيت على المنديل شيئا وأن ذلك لم يكن من هذه الوساوس التي أنت مبتلاة بها فإن الأصل هو خروجه لاحقا، فإن الشيء إذا احتملت إضافته إلى زمنين إضيف إلى آخرهما كما ذكرنا ذلك في الفتوى رقم 137209، ثم إن إزالة النجاسة ليست شرطا في صحة الوضوء والغسل عند كثير من العلماء وانظري الفتوى رقم: 122713.
فعلى فرض أن هذه النجاسة اليسيرة جدا لم تكن أزيلت وهو فرض بعيد جدا فإن غسلك صحيح أيضا، وعلى فرض أنك صليت بعض الصلوات مع وجود هذه النجاسة فإن صلاتك صحيحة لكونك جاهلة بوجود النجاسة، واجتناب النجاسة إنما يشترط مع العلم والقدرة. وانظري الفتوى رقم: 111752.
وأما صومك فصحيح بكل حال ولا يلزمك إعادته لأنه لا تشترط لصحته طهارة لا من الحدث ولا من الخبث، واعلمي هداك الله أن الذي يجلب النفع ويدفع الضر هو الله تعالى، فتوكلي عليه واجتهدي في عبادته ولا تفكري في أمر العين والحسد ونحو ذلك فإن هذا كله يدفعه الله بالتوكل والاجتهاد في شكر النعم والإقبال على العبادة بإخلاص وصدق، قال تعالى: ومن يتوكل على الله فهو حسبه. وقال تعالى: وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ {إبراهيم:7}
فاطرحي عنك هذه الأفكار واشتغلي بما يصلحك في دنياك وآخرتك، وننبهك إلى أن الاستنجاء المجزئ يحصل بعودة خشونة المحل كما كانت، ويكفي في ذلك غلبة الظن ولا يشترط اليقين، وانظري الفتوى رقم: 132194، فعليك إذا استنجيت أن تطهري المحل حتى يغلب على ظنك زوال النجاسة ثم لا تفتشي عن شيء بعد هذا فإن ذلك من الوساوس، وأيضا فإنه لا يلزمك تطهير شيء من الأماكن أو الثياب إلا إذا علمت علما جازما أنه قد أصابته نجاسة، فإن الأصل هو بقاء الطهارة.
والله أعلم.