الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن كانت زوجة أبيكم على ما ذكرتَ من أذيتكم والسعي في زرع البغضاء بينكم وبين أبيكم، والقطيعة بينكم وبينه فهي على خطر عظيم وقد ارتكبت معصية شنيعة لثبوت حرمة أذى المسلم وإهانته، قال تعالى: وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا.{الأحزاب:58}.
وقال صلى الله عليه وسلم: يا معشر مَن قد أسلم بلسانه ولم يفض الإيمان إلى قلبه لا تؤذوا المسلمين ولا تعيروهم ولا تتبعوا عوراتهم فإنه من تتبع عورة أخيه المسلم تتبع الله عورته ومن تتبع الله عورته يفضحه ولو في جوف رحله.رواه الترمذي وغيره وقال الشيخ الألباني حديث حسن صحيح.
ويعتبر أبوكم مخطئا في تصديق كلام زوجته في شأنكم مع علمه بكذبها، وننصحكم بالصبر على أذى زوجة أبيكم هذه ومعاملتها بحكمة ورفق، وبخصوص مقاطعتها إذا كان القصد منها هجرانها فالأصل حرمة هجر المسلم أكثر من ثلاثة أيام، ويتأكد الأمر إذا كان المهجور زوجة الأب لما في هجرها من إلحاق الأذى بالأب وأذى الأب عقوق، ولكن إذا كانت مخالطتها تجلب لكم نقصا في الدين أو الدنيا فيمكنك تجنب مخالطتها ولا يستلزم ذلك هجرا.
وما ذكرته عنهما من الحلف الكاذبة هو أمر محرم ومن كبائر الذنوب ويسمى اليمين الغموس. فيتعين عليكم نصح أبيكم وزوجته بخطورة هذا الحلف وضرورة الابتعاد عنه، ولا كفارة فيه عند الجمهور بل تلزم صاحبها التوبة فقط خلافا للشافعية القائلين بلزوم الكفارة، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 50626.
وأخيرا نؤكد على وجوب بر الأب والإحسان إليه ولا يسقط حقه في البر تصديقه لزوجته في شأنكم أو ما يصدر عنه من أذى تجاهكم.
والله أعلم.