الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد ظلمت نفسك وأسخطت ربك بإقامة علاقة مع امرأة أجنبية، ولا يخفى ما في ذلك من دواعي الشر والفساد والوقوع في الرذيلة ـ والعياذ بالله تعالى ـ، والأدهى والأمر من هذا كله وقوعك معها في فاحشة الزنا مرارا، فهذا من الموبقات وكبائر الذنوب ـ والعياذ بالله تعالى ـ فقد ثبت التحذير من فاحشة الزنا والتشديد على مرتكبها، قال تعالى: ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا. الآية. وقال صلى الله عليه وسلم: لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن. متفق عليه.
وإنما قلنا بوقوعك في فاحشة الزنا، لأن النكاح لا ينعقد إلا بأركانه المعروفة ـ من ولي المرأة مع شاهدي عدل وصيغة دالة على العقد ـ كما تقدم في الفتوى رقم: 7704
وبناء على ذلك، فقول المرأة زوجتك نفسي وموافقتك على ذلك يعتبر لغوا، ولا ينعقد به النكاح، وبالتالي، فكل ما وقع بينكما زنا ـ والعياذ بالله تعالى ـ وننصحك بالمبادرة بالتوبة إلى الله تعالى توبة صادقة ـ بالإقلاع عن تلك المعصية والندم على فعلها والعزم على عدم العودة إليها مستقبلا ـ وراجع في ذلك الفتوى رقم: 5091.
ووجودك في البلد الحرام فرصة طيبة للتوبة والإكثار من الأعمال الصالحة، فأكثر من الحج والعمرة ما استطعت إضافة إلى القربات والطاعات ـ من طواف وتلاوة قرآن وصيام ـ لأن الطاعة تضاعف في الزمان والمكان الفاضلين، وتضرع إلى الله تعالى بالأسحار عند الكعبة المشرفة وتذلل إليه في خضوع وانكسار وذرف دموع التوبة لعلها تغسل ما سلف من ذنوبك، نسأل الله تعالى أن يتقبل توبتك ويجنبك المنكرات والفواحش ما ظهر منها وما بطن.
ولا يحق لولي تلك المرأة أن يرفض زواجها منك إذا تبت إلى الله تعالى، وكنت كفؤا لها بحجة وجود أولادك، وإن فعل ذلك، فإنه يعتبر عاضلا لها، وفي هذه الحالة لك إقناعها برفع أمرها لقاض شرعي لاستدعاء أبيها وأمره بالزواج، فإن رفض زوجها القاضي، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 132325
فإن لم يوجد في البلد قاض شرعي فلها توكيل عدل من المسلمين يزوجها بإذنها، قال ابن قدامة في المغني: فإن لم يوجد للمرأة ولي ولا ذو سلطان, فعن أحمد ما يدل على أنه يزوجها رجل عدل بإذنها. انتهى.
واحرص على إقناعها بالزواج الشرعي وإسكانها معك في البلد الحرام وانتشالها من بلاد الكفر التي تعتبر وكرا للفساد ومستنقعا للرذيلة، فلا شك أنك ستثاب على هذا الفعل ثوابا عظيما، فقد قال صلى الله عليه وسلم: فوالله لأن يهدي الله بك رجلا خير لك من أن يكون لك حمر النعم. متفق عليه.
والله تعالى أعلم.