الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن كنت قد وقعت في الزنا -والعياذ بالله- فقد ارتكبت إثما عظيما، وأتيت منكرا جسيما، فإن الزنا من أفحش الذنوب ومن أكبر الكبائرالتي تجلب غضب الله.
قال ابن القيم (رحمه الله): فأما سبيل الزنى فأسوأ سبيل، ومقيل أهلها في الجحيم شر مقيل، ومستقر أرواحهم في البرزخ في تنور من نار يأتيهم لهبها من تحتهم، فإذا أتاهم اللهب ضجوا وارتفعوا ثم يعودون إلى موضعهم فهم هكذا إلى يوم القيامة، كما رآهم النبي في منامه ورؤيا الأنبياء وحي لا شك فيها ، ويكفي في قبح الزنى أن الله سبحانه وتعالى مع كمال رحمته شرع فيه أفحش القتلات وأصعبها وأفضحها وأمر أن يشهد عباده المؤمنون تعذيب فاعله. روضة المحبين.
لكن رغم ذلك فإن من سعة رحمة الله وعظيم كرمه أنه مهما عظم الذنب أو تكرر من العبد فإن الله بعفوه وكرمه يقبل توبته، بل إن الله يفرح بتوبة العبد ويحب التوابين ويبدل سيئاتهم حسنات ، قال تعالى : إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ {البقرة: 222 }، قال ابن كثير : أي: من الذنب وإن تكرر غشْيانه. تفسير ابن كثير.
لكن التوبة لها شروط لا تقبل بدونها ، وهي الإقلاع عن الذنب والندم على فعله والعزم على عدم العود إليه ورد الحقوق لأصحابها إن تعلق الذنب بحق آدمي، فالواجب عليك رد المال الذي أخذته من بيت تلك المرأة.
وينبغي أن تستر على نفسك ولا تخبر أحداً بتلك المعصية، واجتهد في تحقيق التوبة والإكثار من الأعمال الصالحة والحسنات الماحية، واعلم أنّ من صدق التوبة أن يجتنب العبد أسباب المعصية ويقطع الطرق الموصلة إليها، ويحسم مادة الشر، ولا شكّ أنك وقعت فيما وقعت فيه لتفريطك وتهاونك في حدود الله في شأن التعامل مع النساء، فعليك أن تقف عند حدود الله، فتغض بصرك عن الحرام، وتجتنب الخلوة بالنساء غير المحارم والكلام معهن بغير حاجة، واحذر من استدراج الشيطان واتباع خطواته.
ونوصيك بالمبادرة بالزواج إذا لم تكن متزوجاً، واحرص على صحبة الأخيار الذين يعينونك على طاعة الله، ويربطونك بالمساجد ومجالس العلم والذكر.
والله أعلم.