الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإنك لم تبيني لنا الصيغ التي كان يحصل بها الطلاق بينك وبين زوجك، والظروف التي تكتنف ذلك حتى نتبين ما إذا كان الطلاق واقعاً أم لا، ولا يوجد -في علمنا- شيء من الطلاق يمكن أن يمحى أثره بالتصدق بالمال، فلعل الشيخ واهم فيما أفتى به، أو لعلك وزوجك أوهمتماه شيئاً غير واقع أو غير ذلك... وعلى أية حال فإن كان الذي أفتاكم من أهل العلم الثقات الذي يوثق بعلمهم وقد أوضحتم له الحالات التي كان يقع بها الطلاق دون زيادة أو نقص. فلكم العمل بفتواه ولا حرج عليكم في ذلك، وبالتالي فلا يقع الطلاق في المرات السابقة لأن الواجب على العامي سؤال أهل العلم الثقات، وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 12347، والفتوى رقم: 23002.
وإن اختل شيء مما ذكر لم يكن لكم أن تعملوا بما أفتيتم به حتى تعرضوه على أهل العلم الموثوق بعلمهم وورعهم، وبخصوص طلبك للطلاق فلا يجوز إن كان لغير عذر شرعي للنهي عن ذلك وثبوت الوعيد في شأنه لقوله صلى الله عليه وسلم: أيما امرأة سألت زوجها الطلاق في غير ما بأس فحرام عليها رائحة الجنة. رواه ابن ماجه وغيره وصححه الشيخ الألباني.
أما إن كان لسبب شرعي فلا حرج فيه، والأسباب المبيحة لطلب الطلاق سبق تفصيلها في الفتوى رقم: 116133.
ولزوجك مراجعتك قبل تمام العدة إن لم تكن هذه الطلقة الثالثة، والعدة تنتهي بطهرك من الحيضة الثالثة بعد الطلاق، أو وضع الحمل إن كنت حاملاً، أو مضي ثلاثة أشهر إن كنت لا تحيضين. وما تحصل به الرجعة قد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 30719.
ولا إثم عليك في طلب المساعدة من الآخرين فيما تحتاجين إليه من ضروريات أمورك بشرط ألا يترتب على ذلك أمر محرم كالخلوة برجل أجنبي، أو إقامة علاقة معه مثلاً فإن ذلك من مداخل الشيطان ومن أسباب الوقوع في المنكر والفساد خصوصاً في تلك البلاد التي تشيع فيها الفاحشة ويكثر الشر والفساد، ولا يجوز لزوجك اتهامك بارتكاب منكر أو فاحشة بدون بينة لما في ذلك من انتهاك عرضك، وقد قال صلى الله عليه وسلم: كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه. رواه الإمام مسلم وغيره.
كما لا يجوز له أن يؤذيك بالكلام الجارح لحرمة أذى المسلم بغير حق، ففي سنن الترمذي وغيره عن ابن عمر قال: صعد رسول الله صلى الله عليه وسلم المنبر فنادى بصوت رفيع فقال: يا معشر من قد أسلم بلسانه ولم يفض الإيمان إلى قلبه لا تؤذوا المسلمين ولا تعيروهم، ولا تتبعوا عوراتهم فإنه من تتبع عورة أخيه المسلم تتبع الله عورته ومن تتبع الله عورته يفضحه ولو في جوف رحله.
قال ونظر ابن عمر يوماً إلى البيت أو إلى الكعبة فقال: ما أعظمك وأعظم حرمتك والمؤمن أعظم حرمة عند الله منك. قال الشيخ الألباني: حسن صحيح.
وأخيراً ننبه على حرمة السفر والإقامة في بلاد الكفر إلا لمن يأمن الوقوع في الفتنة ويستطيع إقامة شعائر الدين، كما فصلنا ذلك في الفتوى رقم: 2007، ويكون الأمر أشد حرمة وقبحاً إذا تعلق بسفر المرأة إلى تلك البلاد بدون محرم لما ورد في ذلك من النهي، ولما يسود في تلك البلاد من الانحلال والفساد الأخلاقي وانتشار الرذيلة، وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 38645.
والله أعلم.