الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا يخفى أنّ إقامة المسلم في بلاد الكفار خطر على دينه و أخلاقه، كما بيناه في الفتوى رقم : 2007.
وقد ظهر شؤم هذه الإقامة وشؤم التعليم في المدارس الأجنبية واضحاً في سلوكك وقلة اكتراثك بحدود الشرع وقسوة قلبك على والديك وتنكرك لفضلهما عليك، ولا شك أنّك عققت والديك ـ وتلك كبيرة من أكبر الكبائر ـ ومن أعظم أسباب سخط الله على العبد، فلو أنك أردت الزواج بامرأة صالحة ورفض أبوك ذلك وأمرك بالرجوع لبلدك والزواج بغيرها، لكان الواجب عليك أن تطيع والدك، فكيف إذا كنت قد اخترت امرأة غير صالحة؟.
فالواجب عليك المبادرة بالتوبة، وبذل الجهد لإرضاء والديك وطلب الصفح منهما عما كان منك، وإن أمكنك إقناع والديك بإبقاء زوجتك على ذمتك وكانت صادقة في الرغبة في الاستقامة والتزام أحكام الشرع، فبها ونعمت، وأما إذا أصر أبوك على طلاقها، فينبغي أن تطيعه وتطلقها، فإن أمره لك بطلاقها ليس ناشئا عن هوى وإنما هو محق في ذلك.
والعجب منك! كيف تبيع رضى والديك ـ وهما لا يعوضان ولا يستبدلان ـ مقابل الزواج من امرأة يمكن الزواج بأحسن منها وخير منها؟ فكيف إذا كان الشرع ينهاك عن الزواج بمثلها ويأمرك به والدك من الزواج بالمرأة الدينة، كما في الحديث: فاظفر بذات الدين تربت يداك. رواه البخاري ومسلم.
فاتق الله وسارع إلى إرضاء والديك كما أغضبتها فإنهما سبيلك إلى الجنة، فعن ابن عمر قال: كان تحتي امرأة أحبها وكان أبي يكرهها فأمرني أن أطلقها فأبيت، فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا عبد الله بن عمر: طلق امرأتك. رواه الترمذي.
قال المباركفوري: فيه دليل صريح يقتضي أنه يجب على الرجل إذا أمره أبوه بطلاق زوجته أن يطلقها وإن كان يحبها فليس ذلك عذرا له في الإمساك.
والله أعلم.