الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فبداية؛ لا بد من العلم أن الرخص نوعان:
الأول: رخص شرعية ثابتة بالكتاب أو السنة، كالقصر والجمع في السفر، وأكل الميتة عند الاضطرار، فهذه يستحب الأخذ بها إذا وجد سببها، وقد يجب.
والثاني: رخص المذاهب الفقهية، وهي فتوى عالم بالجواز في مسألة خلافية قال غيره فيها بالمنع والحظر.
وتتبع مثل هذه الرخص أخذا بالأيسر مطلقًا، دون مرجح شرعي، ودون تقليد العامي لمن يظنه الأعلم، بل على سبيل التشهي واتباع الهوى ـ منكر لا يجوز، وحكى ابن عبد البر وابن حزم الإجماع على ذلك.
والفاعل لذلك يجتمع فيه الشر كله، كما سبق بيانه في الفتوى: 4145. ولذلك كان التلفيق بين مذاهب أهل العلم ـ إذا قصد منه التشهي بتتبع الرخص ـ ممنوعًا في كل حال.
وأما الأخذ بالرخص والتلفيق بين المذاهب اجتهادًا وترجيحًا أو تقليدًا من العامي لمن يعتقده الأعلم والأوثق من العلماء، فلا حرج فيه. وقد سبق لنا بيان ذلك في الفتويين التاليتين: 37716، 107754، وما أحيل عليه فيهما. ولمزيد الفائدة يمكن الاطلاع على ما ذكرناه من توجيه لقول بعض المتأخرين: (من ابتلي بشيء فله أن يقلد من أجاز)، وذلك في الفتوى: 133956.
والله أعلم.