الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالمعتدة من طلاق تجب نفقتها أثناء العدة عند الجمهور إن كان طلاقها رجعيا، أما المطلقة طلاقا بائنا فلا نفقة لها إلا إذا كانت حاملا خلافا للحنفية، وراجع التفصيل في الفتوى رقم: 47983، والمقصود بنفقة المعتدة دفع ما يكفي لنفقة مثلها مدة العدة.
أما المتعة فلا تسمى نفقة فهي مال يدفعه الزوج لزوجته المطلقة، وقد اختلف أهل العلم هل هي واجبة أم مستحبة وأدلة القولين ذكرها الإمام القرطبي في تفسيره مرجحا القول بالوجوب حيث قال:قوله تعالى : {ومتعوهن} معناه أعطوهن شيئا يكون متاعا لهن.
وحمله ابن عمر وعلي بن أبي طالب والحسن بن أبى الحسن وسعيد بن جبير وأبو قلابة والزهري وقتادة والضحاك بن مزاحم على الوجوب.
وحمله أبو عبيد ومالك بن أنس وأصحابه والقاضي شريح وغيرهم على الندب، وتمسك أهل القول الأول بمقتضى الأمر. وتمسك أهل القول الثاني بقوله تعالى: {حقا على المحسنين} و{على المتقين} ولو كانت واجبة لأطلقها على الخلق أجمعين. والقول الأول أولى ؛ لأن عمومات الأمر بالإمتاع في قوله : {متعوهن} وإضافة الإمتاع إليهن بلام التمليك في قوله : {وللمطلقات متاع} أظهر في الوجوب منه في الندب.
وقوله : {على المتقين} تأكيد لإيجابها ؛ لأن كل واحد يجب عليه أن يتقي الله في الإشراك به ومعاصيه، وقد قال تعالى في القرآن: {هدى للمتقين}. انتهى.
والمتعة مشروعة للمطلقة سواء كان الطلاق بائنا أو رجعيا.
ففي تحفة الحبيب للبجيرمي على شرح الخطيب الشافعي قوله : ( لمطلقة ) لا فرق في الطلاق بين البائن والرجعي.
وفي الاختيارات الفقهية لابن تيمية: وتجب المتعة لكل مطلقة وهو رواية عن الإمام أحمد نقلها حنبل وهو
ظاهر دلالة القرآن، واختار أبو العباس في "الاعتصام بالكتاب والسنة": أن لكل مطلقة متعة إلا التي لم يدخل بها وقد فرض لها وهو رواية عن الإمام أحمد. انتهى.
وفي حاشية الدسوقي المالكي: حاصله أن المتعة تكون لكل مطلقة سواء كانت رجعية أو بائنا إلا أنها تدفع للبائن إثر طلاقها، وللرجعية بعد العدة لأنها ما دامت في العدة ترجو الرجعة فلا ألم عندها بخلاف الأولى. انتهى.
إلا أن المالكية يستثنون بعض الحالات التي لا تشرع فيها المتعة.
قال المواق في التاج والإكليل: وفي المدونة لا متعة لمختلعة ولا مصالحة ولا ملاعنة ولا مطلقة قبل البناء وقد سمي لها، ولا من اختارت نفسها لعتقها. اللخمي: ولا من قامت لعيب ولا من فسخ نكاحها ولو لعارض حدث. انتهى.
كما استثنى الشافعية ما إذا كانت الفرقة من المرأة أو بسببها أو كانت مطلقة قبل الدخول وقد فرض لها.
والله أعلم.