الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فتفضيل بعض الأبناء على بعض في الهبة من غير مسوغ نوع من الظلم الذي يورث التنافر والأحقاد ويذكي العداوات والخصومات، والواجب على الوالد أن يحفظ الود في قلوب أبنائه فيما بينهم بالتسوية بينهم في العطية، ولا يفضل أحدا على أحد دون مسوغ من نحو مرض أو حاجة.
قال ابن قدامة في (المغني): إن خص بعضهم لمعنى يقتضي تخصيصه مثل اختصاصه بحاجة أو زمانة أو عمى أو كثرة عائلة أو اشتغاله بالعلم أو نحوه من الفضائل أو صرف عطيته عن بعض ولده لفسقه أو بدعته أو لكونه يستعين بما يأخذه على معصية الله أو ينفقه فيها فقد روي عن أحمد ما يدل على جواز ذلك. اهـ.
فإن لم يوجد هذا المسوغ حرمت المفاضلة بينهم على الراجح من أقوال أهل العلم.
وأما صفة التسوية بين الذكور والإناث، فجمهور أهل العلم على أن التسوية تتحقق بإعطاء الذكر مثل الأنثى، وليس كالميراث، وراجع في ذلك الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 133526 ، 134153 ، 6242.
والحاصل أنه يجب على والدكم التسوية بينكم في العطية، وذلك بأن يعطي بقية أبنائه ـ ذكورا وإناثا ـ مثل ما أعطي لابنه الأول.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: يجب عليه أن يرد ذلك في حياته كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم، وإن مات ولم يرده رد بعد موته على أصح القولين أيضاً؛ طاعة لله ولرسوله، ولا يحل للذي فضل أن يأخذ الفضل؛ بل عليه أن يقاسم إخوته في جميع المال بالعدل الذي أمر الله به. اهـ. وراجع في ذلك الفتويين: 107734 ، 136232.
وما دام السائل قد عرف الحكم الشرعي، فإنه يجب عليه أن يبينه لأبيه بالأسلوب المناسب الحكيم، الذي يحفظ به مكانة والده، ويبرئ به ذمته، وليس ذلك إلا سعيا في مصلحة أبيه في دينه وفي دنياه أيضا، وكذلك مصلحة إخوته لحفظ ما بينهم من الصلة بسبب تحقيق العدل بينهم. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: الدِّينُ النَّصِيحَةُ. رواه مسلم.
والله أعلم.