الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن يمين الطلاق يقع بها الطلاق ـ مطلقا ـ ولا ينظر فيها إلى قصد صاحبها في قول جمهور الفقهاء، وكذلك إذا كان الطلاق صريحا فالمعتبر اللفظ لا النية، أما إن كان كناية فالمعتبر النية لا اللفظ، والشرع لم يفرق في الطلاق بين الجد والهزل، روى أبو داود والترمذي وابن ماجه عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنما الأعمال بالنيات.
فإن هذا الحديث عام قد خص منه اعتبار النية في هذه الأمور المذكورة: ومنها: الطلاق الصريح.
ولكن السؤال الذي يرد هنا هو: ما حكمة تخصيص الطلاق؟ وجواب ذلك ما ذكره المباركفوري في تحفة الأحوذي، حيث قال: قال القاضي: اتفق أهل العلم على أن طلاق الهازل يقع، فإذا جرى صريح لفظة الطلاق على لسان العاقل البالغ لا ينفعه أن يقول: كنت فيه لاعبا، أو هازلا، لأنه لو قبل ذلك منه لتعطلت الأحكام، وقال كل مطلق أو ناكح: إني كنت في قوله هازلا، فيكون في ذلك إبطال أحكام الله تعالى، فمن تكلم بشيء مما جاء ذكره في هذا الحديث لزمه حكمه وخص هذه الثلاث لتأكيد أمر الفرج. اهـ.
وجاء في الموسوعة الفقهية قولهم: وقد اتفق الفقهاء على صحة طلاق الهازل، لأن الطلاق ذو خطر كبير باعتبار أن محله المرأة، وهي إنسان، والإنسان أكرم مخلوقات الله تعالى، فلا ينبغي أن يجري في أمره الهزل، ولأن الهازل قاصد للفظ الذي ربط الشارع به وقوع الطلاق فيقع الطلاق بوجوده مطلقا. اهـ.
والله أعلم.