الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالمال إذا بلغ نصاباً ـ وهو ما يساوي خمسة وثمانين جراماً من الذهب الخالص تقريباً، أو ما يساوي خمسمائة وخمسة وتسعين جراماً من الفضة الخالصة تقريباً ـ وجبت زكاته إذا حال عليه الحول الهجري وهو في ملك صاحبه، ولا ينقطع الحول باستثمار هذا المال في التجارة، بل حول عروض التجارة هو حول الأصل الذي اشتريت به، قال في كشاف القناع: وإن اشترى، أو باع عرضاً للتجارة بنصاب من الأثمان، أو من العروض بني على حوله ـ أي حول الأول ـ وفاقاً، لأن الزكاة في الموضعين تتعلق بالقيمة ـ وهي الأثمان ـ والأثمان يبنى حول بعضها على بعض.
انتهى.
وبه تعلم أن الواجب عليك معرفة الوقت الذي بلغ فيه مالك نصاباً، فإذا كان رأس الحول الهجري زكيت جميع ما بيدك من المال ـ سواء في ذلك ما اتجرت به، أو ما بقي بيدك نقداً ـ فتضم بعضه إلى بعض، وتخرج زكاة الجميع ـ وهي ربع العشر ـ وما حصل من ربح التجارة فإنه يزكى بزكاة المال عند حولان الحول، لأن ربح التجارة تابع للأصل في وجوب زكاته، لكونه نماء الأصل، وما استفدته في أثناء الحول من المال الحاصل عن الراتب فلا يتبع ما بيدك في الحول عند الجمهور، بل تجعل له حولاً مستقلاً، وإن شئت أن تزكيه بزكاة الأصل لكون ذلك أرفق بك فلا حرج في ذلك، وقد بينا في فتاوى كثيرة كيفية زكاة المال المستفاد، وراجع فيه الفتوى رقم: 136553، وما أحيل عليه فيها.
وأما الأقساط التي في ذمة الناس: فزكاتها واجبة عليك، والراجح أن لك تأخير زكاتها حتى تقبضها فتزكيها لما مضى من السنين، وانظر لتفصيل القول في زكاة الدين الفتوى رقم: 119194.
وأما السلفة: فإن كان مرادك بها ما لك من دين على الناس، فقد مر أن زكاته واجبة عليك وأن لك أن تزكيه بعد قبضه لما مضى من السنين، وأما إن كان مرادك ما تسلفته أنت من الناس: ففي خصمه من المال الواجب زكاته خلاف معروف للعلماء، وانظر لتفصيله الفتوى رقم: 124533، وما أحيل عليه فيها.
وأحوط الأقوال أن تزكي جميع ما بيدك وأن لا تخصم شيئاً من الدين من مال الزكاة، وأما تعجيل الزكاة في أثناء الحول فهو جائز في قول الجماهير، وانظر الفتوى رقم: 120247.
وأما دفعك الزكاة لجدتك: فلا يجوز، لوجوب نفقتها عليك عند الجمهور، وأجاز ذلك مالك، وقول الجمهور أولى جاء في الموسوعة الفقهية: ذهب جمهور الفقهاء ـ الحنفية والشافعية والحنابلة ـ إلى أنه لا يجوز للحفيد أن يدفع زكاته إلى جده ـ وإن علا ـ كما لا يجوز للجد أن يدفع زكاته لولد ولده ـ وإن سفل ـ لأن كلا منهما ينتفع بمال الآخر، فيكون كأنه صرف إلى نفسه من وجه، ولأن نفقة كل منهما تجب على الآخر وقد يرث أحدهم الآخر.
أما المالكية: فيرون أنه يجوز لكل منهما أن يدفع زكاته للآخر ما لم يكن ألزم نفسه بنفقته.
انتهى.
وليس كون جدتك أرملة موجباً لاستحقاقها مال الزكاة إن كانت تجد ما يكفيها لحاجاتها الأساسية، وقد بينا من هو الفقير الذي يستحق الزكاة في الفتوى رقم: 128146، فلتراجع.
والله أعلم.