الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فاعلمي أولاً أن العلماء مختلفون في حكم تكبيرات الانتقال، والجمهور يرون أنها سنة لا واجبة، ومذهب الحنابلة وجوب تكبيرات الانتقال، ثم اختلف الحنابلة في من شك في ترك واجب كمن شك في ترك شيء من التكبيرات فهل يلزمه سجود السهو أو لا؟
قال ابن قدامة: وإن شك في ترك واجب يوجب تركه سجود السهو، فقال ابن حامد: لا سجود عليه لأنه شك في سببه فلم يلزمه بالشك كما لو شك في الزيادة. وقال القاضي: يحتمل أن يلزمه السجود لأن الأصل عدمه. انتهى.
والمعتمد في المذهب أنه لا يلزم السجود في هذه الحال، بخلاف من شك في ترك ركن فإنه كتركه.
قال في كشاف القناع: (ومن شك) قبل السلام (في ترك ركن فهو كتركه) ويعمل باليقين لأن الأصل عدمه (ولا يسجد لشكه في ترك واجب) لأن الأصل عدم وجوبه فلا يسجد بالشك. انتهى.
وبه يتبين لك أن صلاتك صحيحة بكل حال، فإن سجود السهو لم يكن يلزمك أصلاً كما بينا، وعلى تقدير لزومه لك كما هو القول الثاني فقد تبين أنك قد سجدت للسهو فبرئت ذمتك، ثم ليعلم أنه لم يكن يشرع لك أن تسجدي للسهو حين شككت في فعله بعد فراغك من الصلاة لأن الشك في العبادة بعد الفراغ منها لا أثر له على ما هو مبين في الفتوى رقم: 120064.
ونحذرك من الاسترسال مع الوساوس وفتح باب الشكوك فإنه باب شر، بل إذا كثرت لديك الشكوك فاطرحيها وأعرضي عنها، قال الشيخ العثيمين في منظومته في القواعد:
والشك بعد الفعل لا يؤثرُ * وهكذا إذا الشكوك تكثرُ.
والله أعلم.