الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنسأل الله أن يزيد أعداد المسلمين في كل مكان وأن يسددهم ويوفقهم للتواصل والتعاون فيما بينهم على الخير
ونفيدكم أنه لا حرج في استخدام هذه القاعة التي تصلى بها الجمعة والتراويح أحيانا للاجتماعات المذكورة إذا كان الغرض من إقامة هذه الاجتماعات هو تلاقي المسلمين والتأليف بينهم وتوحيد كلمتهم والنظر في أمورهم الاجتماعية وعلاج مشاكلهم وزواجهم، ونحو هذا من المقاصد الصالحة التي تعود على المسلمين بالنفع، ولم تشتمل هذه الاجتماعات على محظورات شرعية ـ كالغناء الماجن والموسيقى والتبرج والاختلاط ونحو ذلك من المحرمات ـ والظاهر أن القاعة المذكورة لم تخصص للصلاة ولم توقف مسجدا، وإنما يصلى بها أحيانا عند الحاجة في الجمعة والتراويح، وإذا كان الأمر كذلك، فإنها لا تأخذ حكم المسجد، مع العلم أن جمع التبرعات والدخول بالنعال ليس ممنوعا في المسجد، فجمع التبرعات بالمسجد كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعله، فقد روى مسلم في صحيحه، عن المنذر بن جرير عن أبيه قال: كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم في صدر النهار، قال: فجاءه قوم حفاة عراة مجتابي النمار، أو العباء، متقلدي السيوف، عامتهم من مضر ـ بل كلهم من مضر ـ فتمعر وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم لما رأى بهم من الفاقة، فدخل ثم خرج، فأمر بلالا فأذن وأقام فصلى ثم خطب، فقال: يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا. {النساء: 1}. والآية التي في الحشر: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللهَ. {الحشر: 18}.
تصدق رجل من ديناره، من درهمه، من ثوبه من صاع بره، من صاع تمره، حتى قال ولو بشق تمرة، قال فجاء رجل من الأنصار بصرة كادت كفه تعجز عنها ـ بل قد عجزت ـ قال ثم تتابع الناس حتى رأيت كومين من طعام وثياب، حتى رأيت وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم يتهلل كأنه مذهبة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها بعده من غير أن ينقص من أجورهم شيء، ومن سن في الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أوزارهم شيء. اهـ.
وقال الحافظ ابن حجر في فتح الباري عند كلامه على حديث لعب الحبشة بالمسجد: فيه جواز ذلك في المسجد. وقال ـ بعد أن رد على من ادعى نسخ اللعب بالحراب في المسجد وعلى من ادعى أن اللعب كان خارج المسجد ـ قال: واللعب بالحراب ليس لعبا مجردا، بل فيه تدريب الشجعان على مواقع الحروب والاستعداد للعدو.
وقال المهلب: المسجد موضوع لأمر جماعة المسلمين، فما كان من الأعمال يجمع منفعة الدين وأهله جاز. اهـ.
وأما إدخال النعال للقاعة: فلا حرج فيه ـ إن تؤكد من طهارتها ـ لأن الصلاة في النعال جائزة إذا كانتا خاليتين من نجاسة، ففي صحيح البخاري ومسلم عن سعيد بن يزيد الأزدي قال: سألت أنس بن مالك أكان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي في نعليه؟ قال: نعم.
وفي سنن أبي داود عن أبي سعيد الخدري قال: بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بأصحابه إذ خلع نعليه فوضعهما عن يساره، فلما رأى ذلك القوم ألقوا نعالهم، فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاته، قال: ما حملكم على إلقاء نعالكم؟ قالوا: رأيناك ألقيت نعليك فألقينا نعالنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن جبريل صلى الله عليه وسلم أتاني فأخبرني أن فيهما قذرا ـ أو قال أذى ـ وقال: إذا جاء أحدكم إلى المسجد فلينظر، فإن رأى في نعليه قذرا، أو أذى فليمسحه وليصل فيهما.
والله أعلم.