الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فطواف الوداع إنما يكون بعد فراغ الحاج من نسكه وإرادته الانصراف من مكة ليكون آخر عهده بالبيت، فإذا طافت المرأة للوداع قبل انصرافها بيومين أو ثلاثة لم يكن ذلك الطواف للوداع وإنما يكون نفلا، ويجب عليها إذا لم تكن حائضا أن تعيد هذا الطواف إذا أرادت الانصراف من مكة ليكون آخر عهدها بالبيت.
ثم إن المرأة إذا حاضت سقط عنها طواف الوداع تخفيفا من الله تعالى، وجاز لها أن تنصرف دون أن تطوف، وعليه، فليست المرأة بحاجة إلى ما ذكر من الطواف للوداع قبل انصرافها بمدة خشية أن تحيض لأنها لو حاضت لم يكن عليها شيء.
فعن عائشة قالت: حاضت صفية بنت حيي بعدما أفاضت قالت: فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أحابستنا هي؟ قلت: يا رسول الله؛ إنها قد أفاضت وطافت بالبيت ثم حاضت بعد الإفاضة قال: فلتنفر إذاً. متفق عليه.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت؛ إلا أنه خفف عن الحائض. متفق عليه.
وعنه رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم رخص للحائض أن تصدر قبل أن تطوف بالبيت إذا كانت قد طافت في الإفاضة. رواه أحمد.
قال النووي في شرح مسلم: هذا دليل لوجوب طواف الوداع على غير الحائض وسقوطه عنها، ولا يلزمها دم بتركه، هذا مذهب الشافعي ومالك وأبي حنيفة وأحمد والعلماء كافة إلا ما حكاه ابن المنذر عن عمر وابن عمر وزيد بن ثابت وأبي رضي الله عنهم أنهم أمروها بالمقام لطواف الوداع، دليل الجمهور هذا الحديث وحديث صفية. انتهى.
والله أعلم.