الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن المراد بالحافظ الملائكة كما روي عن ابن عباس: إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ {الطارق: 4} إلا عليها حافظ من الملائكة، وإسناده صحيح كما قال ابن حجر في فتح الباري.
وفي التسهيل لعلوم التنزيل لابن جزي: ومعناه عند الجمهور: أن كل نفس من بني آدم عليها حافظ يكتب أعمالها، يعني: الملائكة الحفظة... اهـ.
ولا مانع من إطلاق الحفظ على الملائكة فقد قال الله تعالى في شأنهم: لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ. وقال الله تعالى: وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ {الانفطار: 10} وقال الله تعالى: وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً {الأنعام: 61}.
وقد ذكر ابن كثير في التفسير: أنهم أربعة بالليل وأربعة بالنهار، فاثنان عن اليمين والشمال يكتبان الحسنات والسيئات، واثنان من ورائه وأمامه يحرسانه. اهـ.
وقال ابن رجب في جامع العلوم والحكم: قال ابن عباس: هم الملائكة يحفظونه بأمر الله، فإذا جاء القدر خلوا عنه. وقال علي رضي الله عنه: إن مع كل رجل ملكين يحفظانه مما لم يقدر، فإذا جاء القدر خليا بينه وبينه، وإن الأجل جنة حصينة. وقال مجاهد: ما من عبد إلا وله ملك يحفظه في نومه ويقظته من الجن والإنس والهوام، فما من شيء يأتيه إلا قال له وراءك إلا شيئا أذن الله فيه فيصيبه.