الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإذا كان زوجك يسيء عشرتك فهو المخطئ، ولكن ليس ذلك مسوّغاً لوصولك إلى حال تفكرين في الانتحار وهو كبيرة من أكبر الكبائر، وأحرى أن تصلي إلى ما هو أخطر من ذلك من العبارات التي تنافي الإيمان وتناقض التوحيد وتخبر عن نفورك من شرع الله وضيق صدرك به.
ولا شك أن الاحتجاج على ذلك بسوء خلق زوجك أو فساد غيره ممن تظهر عليه بعض علامات التدين، مغالطة واضحة وانحراف ظاهر غير مقبول، وإنّما مثل هذه الأفكار هي تلبيس من الشيطان وتشويش من أهل الجهل والضلال، يريدون بها تخذيل المسلمين عن التمسك بدينهم.
فمن الظلم العظيم والخطأ الفادح أن تنسب أخطاء بعض المسلمين إلى شرع الله.
فلا يشك مسلم أن شرع الله كله رحمة وحكمة، وأن السبيل الوحيد للحياة الطيبة الكريمة في الدنيا والآخرة هو التمسك بهذا الدين، و أن الإعراض عنه والتفريط فيه هو سبيل الهلاك والعذاب في الدنيا والآخرة، ومن توهم أنه يستطيع تحقيق السعادة بعيداً عن هدي الشرع المطهر فهو مخدوع مغرور قد ضل ضلالا بعيدا، والأدلة على ذلك في غاية الظهور شرعا وعقلا وفطرة.
فعليك بطرح مثل هذه الترهات والمبادرة بالتوبة إلى الله والإقبال عليه، ومن رحمة الله أنه يقبل التوبة، ويحب التوابين ويفرح بتوبتهم.
وعليك بتقوية الصلة بالله والحرص على تعلم أمور الدين واختيار الرفقة الصالحة التي تعين على الخير، وننصحك أن تتفاهمي مع زوجك وتتعرفي على أسباب سوء معاملته لك، وإن كان ثمّ تقصير منك في شيء من حقوقه فعليك تدارك ذلك ومعاشرته بالمعروف، ومناصحته برفق ومطالبته بحقوقك الواجبة عليه ومن أعظمها معاشرتك بالمعروف كما أمره الله.
فالله عز وجل أمر الأزواج بذلك فقال: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ {النساء:19} ولم يأذن بضرب إلا من تستحق الضرب من النساء وهي المرأة الناشز.
كما أن الإذن بضرب الناشز ضربا غير مبرح يراد به التأديب لا التشفي، وأيضا إنما هو مأذون به لا أنه أمر واجب، ولقد جاء في الحديث: أنه لا يضرب خياركم. فعلى هذا الزوج وأمثاله فهم شريعة الله عز وجل على الوجه الصحيح وعدم التلاعب بها.
وعلى كل حال إذا لم يفد ذلك فليتدخل بعض العقلاء من الأهل أو غيرهم من ذوي الدين للإصلاح بينك وبين زوجك والأخذ على يد المسيء منكما، فإن تعذر الإصلاح فلا مانع من طلب الطلاق.
والله أعلم.