الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإذا قام الإمام عن التشهد الأول ناسيا حتى استتم قائما لم يجز له الرجوع، وقال بعض العلماء، بل يجوز أن يرجع مع الكراهة، إلا إذا شرع في القراءة فيحرم الرجوع، والصحيح القول الأول، وانظر الفتوى رقم: 75470، وعلى القول الأول، فإن رجع عالما عامدا بطلت صلاته، وأما إن كان ناسيا، أو جاهلا فإن صلاته لا تبطل، وأما من هم خلف الإمام فيجب عليهم أن يتابعوه إن استتم قائما، وإن سبحوا به ليتنبه لكونه ترك واجبا فيسجد للسهو قبل السلام ـ كما هي السنة ـ فلا بأس، وقد سبح الصحابة للنبي صلى الله عليه وسلم حين قام عن التشهد الأول فلم ينكر عليهم تسبيحهم، فعن عبد الله بن بحينة: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: صلى فقام في الركعتين فسبحوا به فمضى، فلما فرغ من صلاته سجد سجدتين ثم سلم. رواه الجماعة، وهذا لفظ النسائي.
قال البهوتي في الروض: فإن رجع عالما عامدا بطلت صلاته، لا ناسيا، أو جاهلا. انتهى.
وقال الشيخ ابن عثيمين: ومثل هذه الصورة: إذا قام الإمام عن التشهد الأول حتى استتم قائماً، فإنه يحرم عليه أن يرجع، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قام عن التشهد الأول ذات يوم فسبحوا به فمضى ولم يرجع، فلما قضى الصلاة وانتظر الناس تسليمه سجد سجدتين ثم سلم، فهذا هو الواجب إذا قام الإمام عن التشهد الأول حتى استتم قائماً، فإن رجوعه محرم ولا يجوز أن يرجع، كما في هذا الإمام الذي سبحوا به فرجع، فإن كان عالماً بأن رجوعه محرم، فإن صلاته باطلة، فإن كان لا يدري أن رجوعه محرم، وظن أن الواجب أن يرجع ويجلس للتشهد الأول وأن الإنسان إذا نبه للتشهد الأول بعد أن قام وجب عليه أن يرجع فرجع هو وظن أن هذا هو الواجب، فإن صلاته لا تبطل وصلاته صحيحة، وعليه أن يسجد للسهو. انتهى.
وبه تعلم أن صلاة هذا الإمام صحيحة إن كان جاهلا بالحكم ـ كما هو الظاهر ـ أو كان يقلد من يقول بجواز الرجوع إلى الجلوس بعد القيام، وكذا صلاة من خلفه صحيحة فلا تلزمهم إعادتها.
والله أعلم.