الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإذا لم يكن طريق زيارتك لأهلك يمر بميقات فإنك تحرم بالنسك من ميقات المنطقة التي بها أهلك، ولا يلزمك الذهاب إلى ميقات منطقتك، لقوله صلى الله عليه وسلم حين وقت المواقيت: هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن. متفق عليه، وأما إذا كنت ستمر بالميقات في طريق زيارتك لهم فيجب عليك أن تحرم من الميقات الذي تمر به ولا يجوز لك مجاوزته غير محرم، فإن جاوزته غير محرم وجب عليك الرجوع إليه لتحرم منه، فإن لم ترجع وأحرمت بعد مجاوزته لزمك دم يذبح في مكة ويوزع على فقراء الحرم.
قال في كشاف القناع: ومن جاوز ه أي الميقات يريد النسك بلا إحرام، أو كان النسك فرضه بأن لم يحج أو يعتمر ولو كان جاهلا بالميقات أو الحكم أو ناسيا لذلك أو مكرها، لزمه أن يرجع إلى الميقات فيحرم منه لأنه واجب أمكنه فعله فلزمه كسائر الواجبات، فإن رجع إلى الميقات فأحرم منه فلا دم عليه لأنه أتى بالواجب عليه كما لو لم يجاوزه ابتداء، وإن أحرم دونه أي الميقات من موضعه أو غيره لعذر أو غيره.
فعليه دم لحديث ابن عباس مرفوعا: من ترك نسكا فعليه دم، ولتركه الواجب. انتهى.
وأجاز بعض العلماء أن تؤخر الإحرام فتحرم من الميقات الآخر بشرط أن يكون مثل ميقاتك في البعد عن مكة أو أبعد.
قال في أسنى المطالب: ومن جاوز الميقات مريدا للنسك غير محرم ولم ينو العود إليه أو إلى مثل مسافته من ميقات آخر أساء للإجماع للخبر السابق ولزمه العود إليه. انتهى.
وقال في مغني المحتاج: ومن بلغه أي وصل إليه مريدا نسكا لم تجز مجاوزته إلى جهة الحرم بغير إحرام بالإجماع، ويجوز إلى جهة اليمنة أو اليسرة ويحرم من مثل ميقات بلده أو أبعد كما ذكره الماوردي، فإن خالف وفعل ما منع منه بأن جاوزه إلى جهة الحرم لزمه العود ليحرم منه لأن الإحرام منه كان واجبا عليه فتركه وقد أمكنه تداركه فيأتي به.
تنبيه: قوله ليحرم منه يقتضي تعيينه حتى لا يقوم غيره مقامه وليس مرادا بل لو عاد إلى مثل مسافته من ميقات آخر جاز قاله الماوردي وغيره. انتهى. والأول أحوط.
والله أعلم.