الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فمن المعلوم أن المني قد يجف ويبقى أثره يابسا، وحينئذ، فالواجب على من احتلم ورأى أثر المني في ثيابه ولو جافا أن يغتسل، ولو رأيت أثر المني في ثوبك ولم تذكر احتلاما فالواجب عليك أن تغتسل وتعيد الصلوات من آخر مرة نمتها في هذا الثوب، قال ابن قدامة ـ رحمه الله: فصل: فإن رأى في ثوبه منيا وكان مما لا ينام فيه غيره فعليه الغسل، لأن عمر وعثمان اغتسلا حين رأياه في ثوبهما، ولأنه لا يحتمل أن يكون إلا منه، ويعيد الصلاة من أحدث نومة نامها فيه إلا أن يرى أمارة تدل على أنه قبلها فيعيد من أدنى نومة يحتمل أنه منها. انتهى.
وهذا إن تيقنت أن ما رأيته في ثوبك هو المني، وأما إذا شككت هل هو مني أو غيره؟ فمن العلماء من رأى أنك تتخير بين المشكوك فيه فتجعل له حكم أحدهما، ومنهم من رأى أن الواجب أن تعطيه حكم كليهما لتصح طهارتك بيقين، وانظر الفتوى رقم: 118140.
ومنهم من رأى أنه لا يلزمك الغسل، لأن وجوبه مشكوك فيه، فلا يجب بمجرد الشك، قال ابن قدامة: وقال مجاهد وقتادة: لا غسل عليه حتى يوقن بالماء الدافق، قال قتادة: يشمه، وهذا هو القياس، ولأن اليقين بقاء الطهارة فلا يزول بالشك، والأولى الاغتسال لموافقة الخبر وإزالة الشك. انتهى.
وقد ملنا إلى ترجيح قول الشافعية وهو أن من شك في الخارج منه هل هو مني، أو غيره؟ فإنه يتخير بينهما وانظر الفتوى رقم: 64005.
والله أعلم.