الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإنه يكره ذكر الله في حال الجماع، ونقل الإجماع عليه الملا علي قاري في مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح فقال: وقد روى ابن أبي شيبة عن ابن مسعود موقوفاً أنه إذا أنزل قال اللهم لا تجعل للشيطان فيما رزقني نصيباً، ولعله يقولها في قلبه أو عند انفصاله لكراهة ذكر الله باللسان في حال الجماع بالإجماع. انتهى.
وقال الحطاب المالكي في مواهب الجليل لشرح مختصر خليل: الذكر عند نفس قضاء الحاجة ونفس الجماع لا يكره بالقلب بالإجماع، وأما الذكر باللسان حالته فليس مما شرع لنا ولا ندبنا إليه ولا نقل عن أحد من الصحابة، بل يكفي في هذه الحالة الحياء والمراقبة وذكر نعم الله تعالى في إخراج هذا القذر المؤذي الذي لو لم يخرج لقتل صاحبه وهو من أعظم الذكر ولو لم يقل اللسان. انتهى.
ويستحب الإتيان بالذكر المأثور قبل الشروع في الجماع، كما قال ابن حجر في فتح الباري: لحديث أبي داود وغيره: لو أن أحدكم إذا أراد أن يأتي أهله.... قال ابن حجر: وهي مفسرة لغيرها من الروايات دالة على أن القول قبل الشروع... انتهى.
وأما ما يصدر من هذا الرجل -وقد ذكرت أنه يصدر غلبة من غير إرادة ولا قصد- فإنه لا لوم عليه فيه لأنه يعتبر من الخطأ، وقد قال صلى الله عليه وسلم: إنَّ الله تَجَاوَزَ لِي عَنْ أُمَّتِي الخَطَأَ والنِّسيانَ، وما استُكْرِهُوا عليهِ. قال النووي: حديثٌ حسَنٌ. رَواهُ ابنُ ماجهْ والبَيَهقيُّ وغيرهما.
وعلى من يصدر منه شيء من ذلك أن يحرص على عدم العود له، فإن العادات إنما تهذب بالتدريب. ونسأل الله لنا وله العافية.
والله أعلم.