الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإذا أحرمت بالحج مفرداً لم يجز لك التلبس بشيء من محظورات الإحرام حتى تقضي نسكك، فتتحلل التحلل الأول بفعل اثنين من أعمال يوم النحر الثلاثة، وهي، رمي جمرة العقبة والخلق وطواف الإفاضة مع السعي لمن لم يكن سعى، وهذا مذهب الجمهور، وقيل يحصل التحلل الأول برمي جمرة العقبة فقط، وهذا مذهب المالكية. وانظر الفتوى: 115911.
فإذا فعلت الثلاثة جميعا حللت الحل كله، فإذا تلبست بشيء من محظورات الإحرام وأنت مقيم على إحرامك فعليك الفدية، فإذا تعمدت لبس المخيط مثلاً فعليك فدية مخير فيها بين صيام ثلاثة أيام، وإطعام ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع، وذبح شاة، وتكون آثماً بتعمدك ارتكاب المحظور وتجب عليك التوبة إلى الله تعالى، ولكن إذا فسخت إحرامك بالحج إلى عمرة وصرت متمتعاً فإن ذلك يجوز بل يستحب على الراجح، وهو مذهب الإمام أحمد رحمه الله.
فإنه ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أصحابه الذين أحرموا بالحج أو به مع العمرة ولم يسوقوا الهدي أن يجعلوها عمرة فيحلوا من إحرامهم ذلك ولا يحرمون إلا يوم التروية.
قال شيخ الإسلام رحمه الله: فقد تواترت الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أمر أصحابه في حجة الوداع لما طافوا بالبيت وبين الصفا والمروة أن يحلوا من إحرامهم، ويجعلوها عمرة، إلا من ساق الهدي، فإنه أمره أن يبقى على إحرامه، حتى يبلغ الهدي محله. ولهذا كان فسخ الحج إلى التمتع مستحباً عند أحمد، ولم يجعل اختلاف العلماء في جواز الفسخ موجباً للاحتياط بترك الفسخ، فإن الاحتياط إنما يشرع إذا لم تتبين سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا تبينت السنة فاتباعها أولى. انتهى.
وإذا كان قصدك هو مجرد الخروج من حدود الحرم أثناء إحرامك فإنه لا حرج في ذلك كما تقدم في فتاوى سابقة، وراجع فيه الفتوى: 144919.
والله أعلم.