الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالحديث الذي تشير إليه في سؤالك رواه مسلم في صحيحه عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال: بينما جبريل قاعد عند النبي صلى الله عليه وسلم سمع نقيضا من فوقه فرفع رأسه فقال: هذا باب من السماء فتح اليوم لم يفتح قط إلا اليوم فنزل منه ملك، فقال هذا ملك نزل إلى الأرض لم ينزل قط إلا اليوم فسلم وقال: أبشر بنورين أوتيتهما لم يؤتهما نبي قبلك: فاتحة الكتاب وخواتيم سورة البقرة ـ لن تقرأ بحرف منهما إلا أعطيته.
فالحديث صحيح.
وقد اختلف العلماء في معنى قوله: إلا أعطيته ـ فحمله بعضهم على أن المراد ما ورد فيها من الدعاء، وحمله آخرون على الثواب، قال السندي في حاشيته على سنن النسائي: أي مما فيه من الدعاء إلا أعطيته أي أعطيت مقتضاه. اهـ.
وقال الملا علي القاري في مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح: أي أعطيت ما اشتملت عليه تلك الجملة من المسألة كقوله: اهدنا الصراط المستقيم ـ وكقوله: غفرانك ربنا ـ ونظائر ذلك، وفي غير المسألة فيما هو حمد وثناء أعطيت ثوابه. اهـ.
وقال ابن علان في كتابه دليل الفالحين شرح رياض الصالحين: والمراد ثوابه الأعظم من ثواب نظيره في غير هذين، أو المراد بالحرف معناه اللغوي وهو الطرف، وكنى به كل جملة مستقلة بنفسها: أي أعطيت ما تضمنته إن كانت دعائية ـ كاهدنا ـ وغفرانك ـ الآيتين، وثوابهما إن لم يتضمن ذلك كالمشتملة على الثناء والتمجيد .اهـ.
والله أعلم.