الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فما دمت أكلت متعمدا فإنه لا يصح صومك والحال هذه، فإن شرط صحة صوم التطوع بنية من النهار أن لا يأكل أو يشرب قبل النية، فإن أكل، أو شرب لم يصح أن ينوي صيام هذا اليوم، إلا في قول ضعيف شاذ ذهب إليه بعض العلماء، والصواب هو ما عليه الجماهير من عدم صحة صوم من أكل، أو شرب، وأنه ليس له أن ينوي صيام هذا اليوم بعد تعاطيه ما ينافي الصوم، قال الخرقي في مختصره: ومن نوى صيام التطوع من النهار ولم يكن طعم أجزأه، ونقل في المغني عن ابن مسعود أنه قال: أحدكم بخير النظرين ما لم يأكل، أو يشرب، وقال رجل لسعيد بن المسيب: إني لم آكل إلى الظهر، أو إلى العصر أفأصوم بقية يومي؟ قال: نعم، وقال ابن قدامة بعد تقرير صحة صوم النفل بنية من النهار: إذا ثبت هذا، فإن من شرطه أن لا يكون طعم قبل النية ولا فعل ما يفطره، فإن فعل شيئا من ذلك لم يجزئه الصيام بغير خلاف نعلمه. انتهى.
وفي المسألة خلاف ضعيف كما أشرنا إليه، وقد ذكره النووي في شرح المهذب فقال ما عبارته: قال أصحابنا: فإن قلنا: يثاب من طلوع الفجر اشترطت جميع شروط الصوم من أول النهار، فإن كان أكل، أو جامع، أو فعل غير ذلك من المنافيات لم يصح صومه، وإن قلنا: يثاب من أول النية ففي اشتراط خلو أول النهار عن الأكل والجماع وغيرهما وجهان مشهوران في الطريقتين أصحهما: الاشتراط، وبه قطع المصنف وآخرون وهو المنصوص، والثاني: لا يشترط، فلو كان أكل، أو جامع، أو فعل غير ذلك من المنافيات ثم نوى صح صومه ويثاب من حين النية، وهذا الوجه محكي عن أبي العباس بن سريج، ومحمد بن جرير الطبري، والشيخ أبي زيد المروزي، وحكاه أبو علي الطبري في الإفصاح، والقاضي أبو الطيب في المجرد وجها مخرجا، قالا: والمخرج له هو محمد بن جرير الطبري، وحكاه المتولي عن جماعة من الصحابة: أبي طلحة وأبي أيوب وأبي الدرداء وأبي هريرة ـ رضي الله عنهم ـ وما أظنه صحيحا عنهم. انتهى.
والخلاصة أنه لا يصح صومك لهذا اليوم ما دمت قد طعمت.
والله أعلم.