الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن كان ما ذكرت عن والدك واقع منه فعلاً، فهو قد أساء بذلك أشد الإساءة فلا يجوز تعيير المسلم، أو عيبه وخاصة إن كان ذلك متعلقاً بشيء من خلقته كلونه ونحو ذلك مما لا دخل له فيه أصلاً، روى الإمام أحمد وأبو داود عن جابر بن سليم ـ رضي الله عنه ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: وإن امرؤ شتمك وعيرك بما يعلم فيك فلا تعيره بما تعلم فيه، فإنما وبال ذلك عليه.
ومن الغريب أن يقع مثل ذلك من الوالد مع ولده يؤذيه بذلك، إذ الأصل في الوالد الشفقة على ولده والذب عنه إن عير بمثل هذا، ثم إن الكيفية التي تكون عليها خلقة الإنسان، أو لونه، أو نحو ذلك ليس فيها دلالة على حسن خلقه، أو طيب معشره، أو العكس من ذلك.
ولا يجوز للوالد أن يضرب ولده إلا لغرض صحيح كالتأديب مثلاً، وأما إن كان للتشفي والغيظ ونحو ذلك فلا يجوز، ويمكن مراجعة الفتوى رقم: 123530.
وينبغي ـ أيضاً ـ أن يعدل بينهم في كل شيء حتى في الأمور المعنوية، فإن عدم التسوية بين الأولاد قد يؤدي إلى وقوع التباغض بينهم، وربما كان مثل هذا التصرف دافعاً للأولاد للوقوع في شيء من العقوق، ولذا قال النبي صلى الله عليه وسلم لبشير والد النعمان عندما أراد أن يفضل بين أولاده في العطية: أيسرك أن يكونوا إليك في البر سواء؟ قال: بلى، قال: فلا إذاً.
فالذي نوصيك به هو الصبر والاستعانة بالله وذكره لتخففي عن نفسك آثار مثل هذه التصرفات السيئة من أبيك ولا تتركي للشيطان مجالاً ليدخل عليك الحزن والآلام، وإن وقع في قلبك شيء من البغض لأبيك بسبب بعض تصرفاته فلا شيء في ذلك، ولكن الواجب الحذر من أن تصدر منك أي إساءة إليه وإن قلت وإلا كنت عاقة فتقصير الآباء لا يسوغ عقوق الأبناء، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 133049.
وأما بالنسبة لتغيير لون البشرة: فقد سبق أن بينا أنه إن كان لإزالة عيب فيجوز، وإن كان لأجل طلب الحسن فلا يجوز، لكونه فيه تغيير لخلق الله، وراجعي الفتوى رقم: 6291.
والله أعلم.