الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا يخفى أن المستأجر لهذا المحل يقوم ببعض المنكرات كتصوير حفلات العرس بالهيئة المذكورة في السؤال وهذا يكفي لحرمة تأجير المحل له ما دام انتفاعه به لا يخلو من الحرام، وذلك للنهي عن التعاون على الآثام قال الله تعالى: وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ {المائدة:2}.
وراجع في ذلك الفتاوى التالية أرقامها: 27630، 24728، 49415، 111278.
وجاء في الموسوعة الفقهية: لا يجوز عند جمهور الفقهاء إجارة البيت لغرض غير مشروع، كأن يتخذه المستأجر مكاناً لشرب الخمر، أو لعب القمار، ويحرم حينئذ أخذ الأجرة كما يحرم إعطاؤها، وذلك لما فيه من الإعانة على المعصية. انتهى.
وقال الشيخ ابن باز: بيع آلات الملاهي وما حرم الله أمر منكر، وثمنه حرام، لأنه ثمن لما حرم الله بيعه، وكذلك من يؤجر عليهم وهو يعرف أنهم يفعلون هذه الأشياء فلا يجوز أن يؤجر عليهم، كما لا يجوز أن يؤجر على من يستأجر لجمع البغايا والزناة، أو شراب الخمر، أو نحو ذلك، لأنه معين على معاصي الله، والله يقول: وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ـ فلا يجوز أن يؤجر محله لبيع خمر، أو لتصوير أو لآلات الملاهي، أو لغيرها من معاصي الله، لأنه قد أعانهم على الإثم والعدوان، ومن كان يقبل هذا يأكل سحتاً وإثماً. انتهى.
وقال الشيخ العثيمين: كل حرام فأخذ العوض عنه حرام، سواء ببيع، أو بإجارة، أو غير ذلك، فصاحب المحل الذي يؤجره لشخص يحلق اللحية حرام عليه. انتهى.
وأما مسألة ما بقي في العقد من المدة: فإن استطاع السائل أن يفسخ هذا العقد بالاتفاق مع المستأجر فقد زال الإشكال، وإن تمسك المستأجر بإكمال مدة العقد ولم يجد السائل وسيلة لإخراجه فيكفي السائل الاستغفار والتوبة مع بذل النصيحة لهذا المستأجر بالكف عن المنكرات ـ كتصوير ما لا يحل تصويره ـ وفي هذه الحال لا يترك السائل أخذ الأجرة من المستأجر، لأن ذلك يعينه على المعصية، وله أن ينتفع بها، لأن أعمال المستأجر ليست حراماً صرفاً، بل فيها جانب مباح كالصور المتعارف عليها للرخص ونحوها من الأوراق الرسمية فحكمه كحكم صاحب المال المختلط لا تحرم معاملته على الراجح، وراجع للفائدة في ذلك الفتويين رقم: 43110، ورقم: 46614.
والله أعلم.