الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقولك: إن فعلت كذا ستكونين طالقا ـ يحتمل أمرين:
1ـ أن تكون تقصد الوعد بطلاقها عند فعل الأمر المذكور، وفي هذه الحالة لا يلزمك شيء مطلقا ولو فعلت زوجتك ذلك الأمر، لأن هذا الوعد لا يطلب الوفاء به فضلا عن أن يكون ذلك لازما
2ـ أن تكون تقصد تعليق طلاقها على ذلك الفعل، وفي هذه الحالة إن لم تفعله فلا شيء عليك وإن فعلته وقع الطلاق عند جمهور أهل العلم ـ بمن فيهم المذاهب الأربعة ـ وهو القول الراجح، وراجع الفتوى رقم: 51788.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: تلزمك كفارة يمين إن كنت لا تقصد طلاقا، وإنما قصدت التهديد، أو المنع مثلا وراجع في ذلك الفتويين رقم: 19162ورقم: 79503.
وعلى تقدير أن القصد تعليق الطلاق على الفعل المذكور فإنه لا يمكنك التراجع عنه عند الجمهور، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية إن ذلك ممكن، جاء في الشرح الممتع للشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله تعالى: إذا علق طلاق امرأته على شرط، فهل له أن ينقضه قبل وقوع الشرط أو لا؟ مثاله: أن يقول لزوجته: إن ذهبتِ إلى بيت أهلك فأنت طالق ـ يريد الطلاق لا اليمين ـ ثم بدا له أن يتنازل عن هذا، فهل له أن يتنازل أو لا؟ الجمهور يقولون: لا يمكن أن يتنازل، لأنه أخرج الطلاق مِنْ فِيهِ على هذا الشرط، فلزم، كما لو كان الطلاق منجزاً، وشيخ الإسلام يقول: إن هذا حق له، فإذا أسقطه فلا حرج، لأن الإنسان قد يبدو له أن ذهاب امرأته إلى أهلها يفسدها عليه فيقول لها: إن ذهبت إلى أهلك فأنت طالق، ثم يتراجع ويسقط هذا. انتهى.
وبخصوص تعليق الطلاق على حديث زوجتك مع زميلتها فالمرجع في ذلك لنيتك وقصدك، لأن اليمين مبناها على نية الحالف، قال ابن قدامة في المغني: وجملة ذلك أن مبنى اليمين على نية الحالف، فإذا نوى بيمينه ما يحتمله انصرفت يمينه إليه، سواء كان ما نواه موافقًا لظاهر اللفظ، أو مخالفًا له، انتهى.
وبناء على ذلك، فإن كنت قد قصدتَّ أن لا تتعمد زوجتك الحديث مع صديقتها فلا حنث عليك إن كلمتها بدون قصد، وإن لم تنو شيئا وقع الطلاق عند الجمهور خلافا للشافعية ورواية للحنابلة إذا كانت زوجتك قد أقدمت على كلام صديقتها جاهلة أنها المحلوف عليها، وراجع التفصيل في الفتوى رقم: 139800.
والله أعلم.