الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنسأل الله أن يرحم والدك رحمة واسعة, وليس عليك إثم في عدم شهود دفنه, وما فعله إخوتك من تعجيل دفنه كان هو الأولى اتباعا لأمر النبي صلى الله عليه وسلم بالإسراع بالميت, وأما ما يمكنك به نفع أبيك بعد موته فأفضل ذلك الدعاء له وكثرة الاستغفار له والتصدق عنه والراجح أن كل قربة عملتها وجعلت ثوابها لوالدك أنه ينتفع بذلك ـ إن شاء الله ـ وانظر الفتوى رقم: 111133.
وقد كان ينبغي لك أن تلبي طلب والدك بإسكانه حيث يريد إذا كان ذلك في مقدورك, وإذ لم تفعل فنرجو أن لا يكون عليك إثم ـ إن شاء الله ـ وليس عليك إثم كذلك إذا كنت تدفع إليه النفقة الواجبة ثم لا ينفقها هو على نفسه ويدفعها إلى أولاده, وأما نفقتك عليه في مرضه ونفقتك على إخوتك ودعاؤه لك فنرجو أن يحصل لك ثواب ذلك ويكون لك ذخرا في الآخرة, وأما المبلغ الذي وكلت في دفعه إلى مريض من زكاة المال فلم يكن يجوز لك أن تدفعه إلى أبيك إن كان غنيا ولو بنفقته الواجبة عليكم, قال النووي ـ رحمه الله: المكفي بنفقة قريب، أو زوج ليس فقيرا ولا مسكينا في الأصح. انتهى.
فإذا كان الأمر كذلك، فأنت ضامن لهذا المال الذي وضعته في غير موضعه, ويلزمك أن تدفعه لمستحقه, وانظر الفتوى رقم: 140648
وأما إن كنتم عاجزين عن نفقة علاج أبيكم فلا حرج في أخذه من مال الزكاة والحال هذه، وأما قضاء دينه بما بقي منه فلا يجوز، لأن الراجح عدم جواز قضاء دين الميت من الزكاة، وانظر الفتوى رقم: 138688.
فعليك ـ إذن ـ أن تصرف ما تبقى من هذا المبلغ في مصرفه الذي وكلت في صرفه فيه، أو ترده إلى الموكل.
والله أعلم.