الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنسأل الله أن يعافيك من هذا الداء الذي ألم بك، ثم اعلم أن الوسواوس من شر الأدواء وأخطر الأمراض التي يؤدي تسلطها على العبد واسترساله معها إلى شر عظيم، وقد بينا في فتاوى كثيرة جدا خطر الوساوس وضرورة الاجتهاد في التخلص منها، فالذي ننصحك به هو أن تستعين بالله تعالى في علاج ما يصيبك من الوساوس فتعرض عنها بالمرة ولا تلتفت إلى شيء منها، وعليك بمراجعة الأطباء الثقات امتثالا لأمر النبي صلى الله عليه وسلم بالتداوي، وانظر لبيان كيفية علاج الوسوسة الفتوى رقم: 134196 ورقم: 51601.
فمهما أتتك الوساوس في أي باب وعلى أي شكل فأعرض عنها ولا تلتفت إليها، هذا إجمالا.
وأما بخصوص ما سألت عنه، فإذا أردت الوضوء فاشرع فيه مباشرة، ولا تتوقف لأجل استحضار النية، فإن ذهابك إلى المغسلة لأجل الوضوء كاف في حصول النية منك، ثم اغسل أعضاء الوضوء دون مبالغة، ولا تزد في غسل العضو عن ثلاث مرات، فإذا غلب على ظنك أنك أوصلت الماء إلى جميع العضو فانتقل إلى ما بعده، ومهما أتاك الوسواس بأنك لم تستوف الغسل أو أن الماء لم يصل إلى العضو فلا تلتفت إلى الوسواس حتى يمن الله عليك بالعافية، وإذا كان تناثر البول على ثيابك أمرا مشكوكا فيه كما هو الظاهر وليس متيقنا فلا تلتفت إليه، ولا داعي لتغيير ثيابك عند دخول الخلاء، بل إذا دخلت الخلاء فاقض حاجتك بصورة عادية متحرزا من رشاش البول ثم استنج واخرج دون اكتراث بالوساوس أو تفكير فيها، وأما شكك في خروج المذي أو البراز منك فلا تلتفت إليه، واعمل بالأصل وهو أنه لم يخرج منك شيء حتى يحصل لك اليقين الجازم بأنه قد خرج منك شيء، فما دمت شاكا ولم يصل الأمر عندك إلى درجة اليقين الذي تحلف عليه أنه قد خرج منك مذي أو براز فلا تلتفت إلى هذا الشك بالمرة، وأما عن كيفية تطهير المذي إذا تيقنت يقينا جازما أنه قد خرج منك فقد بيناها في الفتوى رقم: 50657.
والنضح يكون بأخذ كف من ماء ورشها على الموضع المتنجس بالمذي من الثياب، وأما في الصلاة فإذا شككت هل صليت ركعة أو ركعتين فلا تلتفت إلى الشك لكونك موسوسا، وإذا نسيت في أي ركعة أنت فتحر واعمل بما يغلب على ظنك لأن الله لا يكلف نفسا إلا وسعها، واعلم أن الواجب في الركوع هو الانحناء بحيث تمس يدك ركبتك، فإذا فعلت هذا فقد ركعت ركوعا مجزئا، فلا تلتفت إلى ما يعرض لك من الوساوس في أمر الركوع ولا تسجد للسهو، وبالجملة فجاهد نفسك في ترك الوساوس حتى يذهبها الله عنك، وحذار من ترك الصلاة فإن تبعة ذلك عظيمة وخطورته جسيمة، نسأل الله لك العافية.
والله أعلم.