الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإذا كنت تقصد بقولك: لا عقد نكاح بيننا ـ أي لا نكاح عرفياً ولا رسمياً، فهذا زنا، ولا يخفى على مسلم تحريم الزنا وكونه من أكبر الكبائر وأفظع الفواحش التي تجلب غضب الله، فالواجب عليك المبادرة بالتوبة إلى الله، والتوبة تكون بالإقلاع عن الذنب والندم على فعله والعزم على عدم العود إليه، وعلى ذلك فعليك قطع كل علاقة بهذه الفتاة وسد أبواب الفتنة وأن تحذر من استدراج الشيطان واتباع خطواته فلا تنفع التوبة من الزنا مع الإصرار على القبلات والعناق، بل ولا مجرد النظرة المحرمة، قال ابن الجوزي: أبو بكر المروزي قال: قلت لأبي عبد الله أحمد بن حنبل: رجل تاب وقال لو ضرب ظهري بالسياط ما دخلت في معصية الله إلا أنه لا يدع النظر، فقال: أي توبة هذه.
ولا عبرة بكونك تنوي الزواج من تلك الفتاة، فذلك لا يخفف من شناعة تلك المعصية، وكونك في سن الشباب ولم تتزوج ليس مسوغاً لك لتقترف الحرام وتنتهك الأعراض، وليكن لك أسوة في نبي الله يوسف عليه السلام حين راودته امرأة العزيز وهو في فورة الشباب فلم يستجب لدواعي الهوى ومكائد الشيطان، واستعصم بالله والتجأ إليه، قال الله تعالى: قَالَ مَعَاذَ اللّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ {يوسف:23}.
وأول ما ننصحك به المبادرة إلى الزواج، فإنه العلاج الناجع ـ بإذن الله ـ لمن أراد العفة والصيانة، فإن كنت لا تقدر على الزواج فعليك بالصوم مع حفظ السمع والبصر، واستعن بالله واعتصم به وتوكل عليه، فإنه لا قوة لك إلا به، قال تعالى عن نبيه يوسف عليه السلام: قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلاَّ تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُن مِّنَ الْجَاهِلِينَ {يوسف: 33}.
واشغل وقتك بما ينفعك في دينك ودنياك واحرص على صحبة الأخيار الذين يعينونك على طاعة الله، ويربطونك بالمساجد ومجالس العلم والذكر، وعليك بكثرة الدعاء، فإن الله قريب مجيب.
أما إذا كنت تقصد أنه ليس بينكما عقد نكاح رسمي مع أن بينكما عقدا عرفياً، فالجواب أن النكاح العرفي إذا استوفى شروط صحة النكاح فهو صحيح وإن لم يوثق، وتراجع الفتوى رقم: 25024، لكن إن لم يكن مستوفياً شروط الصحة كأن لم يكن فيه ولي المرأة فيكون باطلاً على قول الجمهور لا لكونه لم يوثق، ولكن لكونه بدون ولي.
والله أعلم.