الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فاعلمي أن الصلاة في مكان به تصاوير ليست باطلة، ولكنها مكروهة، وتقع صحيحة إذا استوفت شروطها وأركانها، وإنما تكره لما في التصاوير من إلهاء المصلي وإشغاله في صلاته والحيلولة بينه وبين تمام الخشوع فيها، وفي معنى التصاوير كل ما يلهي عن الخشوع في الصلاة ويشتغل به قلب المصلي، ومن هذا الباب ما يكون في الحاسوب من صور وأصوات.
فلا ينبغي للمصلي أن يصلي في مكان تعرض فيه له صور الحاسوب أو يشتغل عن صلاته بسماع صوته، ولكن الصلاة لا تبطل بذلك.
قال النووي رحمه الله: وأما الثوب الذي فيه صور أو صليب أو ما يلهي فتكره الصلاة فيه وإليه وعليه للحديث-يعني حديث عائشة الآتي-. انتهى
وقال ابن قدامة رحمه الله: ويكره أن ينظر إلى ما يلهيه أو ينظر في كتاب؛ لما روت عائشة رضي الله عنها قالت: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في خميصة لها أعلام فقال : شغلتني أعلام هذه اذهبوا بها إلى أبي جهم بن حذيفة وائتوني بانبجانيته. رواه البخاري ومسلم وأبو داود. وقال النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة : أميطي عنا قرامك هذا فإنه لا يزال تصاويره تعرض لي في صلاتي. رواه البخاري. انتهى.
وإذا علمت هذا فعليك أن تصلي في المكان الذي لا تشتغلين فيه عن الصلاة ولا تتلهين بشيء عنها، وإن صليت بمكان فيه تصاوير بحيث لا تستقبلين هذه التصاوير بل تكون خلفك أو عن أحد جانبيك فقد نص كثير من الفقهاء على عدم كراهة ذلك.
قال في كشاف القناع: وفي الفصول: يكره أن يصلي إلى جدار فيه صورة وتماثيل لما فيه من التشبه بعبادة الأوثان والأصنام. وظاهره ولو كانت صغيرة لا تبدو للناظر إليها، وأنه لا تكره إلى غير منصوبة ولا سجوده على صورة ولا صورة خلفه في البيت، ولا هي فوق رأسه في سقف أو عن أحد جانبيه خلافا لأبي حنيفة. انتهى.
وإذا علمت هذا فينبغي أن تبحثي بقدر استطاعتك عن أمثل الأماكن من البيت التي يحضر فيها قلبك ويكون خشوعك فيها أتم.
والله أعلم.