الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإنه ينبغي للمسلم أن لا يكثر من الحلف لقوله تعالى: وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ {المائدة: 89}.
وأما اليمين التي حلفتها: فما دمت لم تقصدي اليمين ولم يدر ذلك ببالك عند الحلف فهي يمين لغو لا كفارة فيها، كما قال صاحب زاد المستقنع: وَلَغْوُ اليَمِينِ الَّذِي يَجْرِي عَلَى لِسَانِهِ بِغَيْرِ قَصْدٍ، كَقَوْلِهِ: لاَ وَاللهِ، وَبَلَى وَاللهِ، وَكَذَا يَمِينٌ عَقَدَهَا يَظُنُّ صِدْقَ نَفْسِهِ فَبَانَ بِخِلاَفِهِ، فَلاَ كَفَّارَةَ فِي الْجَمِيعِ. انتهى.
قال شارحه ـ الشيخ العثيمين ـ رحمه الله: وقوله: الذي يجري على لسانه بغير قصد ـ يعني يطلقه لسانه وهو لا يقصده، وهذا ليس فيه كفارة بنص القرآن، قال الله تعالى: لاَ يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ {المائدة: 89 }.
ولغو اليمين يخرج من القيد السابق في اليمين المنعقدة، وهو قوله: قُصِد عقدها ـ ولغو اليمين لم يقصد عقدها فلا تكون يميناً منعقدة.
قوله: كقوله: لا والله، وبلى والله ـ والدليل على أن هذا من لغو اليمين قوله تعالى: لاَ يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُّمُ الأَيْمَانَ { المائدة: 89 }.
وقوله تعالى: وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ { البقرة: 225 }.
ولا تكسب القلوب إلا ما قصد، لأن ما لا يقصد ليس من كسب القلب.
وقول عائشة ـ رضي الله عنها: اللغو في اليمين كلام الرجل في بيته: لا والله، بلى والله ـ أي: إن الرجل عندما يقول ذلك لا يقصد القسم والعقد، فهذا نوع من لغو اليمين. انتهى.
هذا ونذكر السائلة الكريمة بأهمية حرصها على مصالحة أختها، فقد أخرج مسلم في صحيحه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: تفتح أبواب الجنة يوم الاثنين والخميس فيغفر لكل عبد لا يشرك بالله شيئا إلا رجلا كانت بينه وبين أخيه شحناء، فيقال: أنظروا هذين حتى يصطلحا.
وننصحها بمقابلة إساءتها بالإحسان ونذكرها بما أخبر به الرسول صلى الله عليه وسلم من جاءه يشكو سوء معاملة أقربائه، قال: يا رسول الله إن لي قرابة أصلهم ويقطعونني، وأحسن إليهم ويسيؤون إلي، وأحلم عليهم ويجهلون علي، فقال: لئن كنت كما قلت فإنما تسفهم المل، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك. رواه مسلم.
والله أعلم.