الهبة هذه سبيلها سبيل الميراث

28-12-2010 | إسلام ويب

السؤال:
رجل له زوجة وثمانية أبناء ـ ستة ذكور وأنثيان ـ سجل قطعة أرض يملكها لثلاثة من أبنائه ـ ولدين وبنت ـ كمساعدة لهم، علما أن البنت لم تكمل تعليمها، وثلاثة أبناء لم يمنحهم الوالد شيئا لاستقرار حالتهم المادية فبنت وولد ما زالا بالتعليم، وسجل منزله الذي يسكن فيه ـ وهوعبارة عن فيلا كبيرة ـ باسم زوجته لتقليل قيمة الضرائب المستحقة عليه دون أن يكون في نيته نقل الملكية لها، أي أنه باعه بيعا صوريا وهو يشهد الله أنه يملك البيت، فتوفيت الزوجة فبادر إلى أبنائه ليتنازلوا له عن أنصبتهم في المنزل الذي آل إليهم كميراث شرعي لهم من والدتهم، لأنه لم يبعها المنزل بيعا حقيقيا، مع العلم أن البنت التي لم تكمل تعليمها تنازلت وهي لا تدري حقيقة الأوراق التي وقعتها, وكذا لا يمكن الجزم برضا باقي الإخوة، إذ يمكن أن يكونوا قد تنازلوا حياء من والدهم، فباع الأب المنزل بعد ذلك للولد والبنت الصغيرين بيعا صحيحا وفي نيته نقل الملكية لهم، فلما مات الأب وارتفع سعر المنزل وجد باقي الإخوة في أنفسهم شيئا على الأخ والأخت الصغيرين، والسؤال:1ـ ما حكم تنازل الأخت غير المتعلمة وهي لا تدري حقيقة الأوراق التي وقعتها؟.2ـ ما حكم المنزل الذي حصل عليه الأخ والأخت الصغيرين؟ وهل هو مال حلال؟.

الإجابــة:

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
 

فإن تسجيل الأملاك لبعض الورثة دون نية التمليك لا يعتبر تمليكا شرعا، بل هو بيع صوري لا يترتب عليه آثاره، والتركة عندئذ لا تزال شرعا ملكا لصاحبها الأصلي، وتكون بعده ميراثا يقسم على جميع ورثته بحسب أنصبتهم، كما سبق بيانه في الفتاوى التالية أرفامها: 111846، 112584، 36133.

وعلى ذلك، فكتابة المنزل باسم الزوجة على هذه الكيفية لا يحصل به انتقال الملك حقيقة، والمنزل باق على ملك الزوج، وبالتالي فالتنازل الذي جرى من الأبناء والبنت غير المتعلمة لا عبرة به أصلا.

وأما مسألة تسجيل قطعة الأرض للأبناء الثلاثة، ثم تسجيل المنزل للولد والبنت الصغيرين: فهذا لا بد فيه من التنبيه على مسألتين:

الأولى: أن الهبة للأولاد لا بد فيها من العدل، ولا يجوز تخصيص أحدهم بشيء دون مسوغ شرعي، فإن حصل ذلك فالهبة باطلة وترد إلى التركة بعد وفاة الواهب وراجع في ذلك الفتوى رقم: 107734.

الثانية: على افترض حصول العدل في الهبة بين الأولاد، أو كان التفضيل بينهم بمسوغ مقبول شرعا فالهبة لا تصير نافذة إلا إذا توفر فيها شروط نفاذ الهبة، ومنها: قبض الموهوب له وحيازته لما كُتِب في حياة الواهب، بحيث يُخلَى الواهب بينه وبين هذه الأملاك يتصرف فيها تصرف المالك، وإلا اعتبرت لاغية.

وعلى ذلك، فكل هبة لم يقبضها الموهوب له حتى مات الواهب فسبيلها سبيل الميراث، تقسم على جميع الورثة بحسب أنصبتهم الشرعية، وهذا هو الذي يظهر لنا من السؤال.

وعلى أية حال، فإننا ننبه على أن أمر التركات أمر خطير جدا وشائك للغاية، وبالتالي، فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقا لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق.

والله أعلم.

www.islamweb.net