الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن تسجيل الأملاك لبعض الورثة دون نية التمليك لا يعتبر تمليكا شرعا، بل هو بيع صوري لا يترتب عليه آثاره، والتركة عندئذ لا تزال شرعا ملكا لصاحبها الأصلي، وتكون بعده ميراثا يقسم على جميع ورثته بحسب أنصبتهم، كما سبق بيانه في الفتاوى التالية أرفامها: 111846، 112584، 36133.
وعلى ذلك، فكتابة المنزل باسم الزوجة على هذه الكيفية لا يحصل به انتقال الملك حقيقة، والمنزل باق على ملك الزوج، وبالتالي فالتنازل الذي جرى من الأبناء والبنت غير المتعلمة لا عبرة به أصلا.
وأما مسألة تسجيل قطعة الأرض للأبناء الثلاثة، ثم تسجيل المنزل للولد والبنت الصغيرين: فهذا لا بد فيه من التنبيه على مسألتين:
الأولى: أن الهبة للأولاد لا بد فيها من العدل، ولا يجوز تخصيص أحدهم بشيء دون مسوغ شرعي، فإن حصل ذلك فالهبة باطلة وترد إلى التركة بعد وفاة الواهب وراجع في ذلك الفتوى رقم: 107734.
الثانية: على افترض حصول العدل في الهبة بين الأولاد، أو كان التفضيل بينهم بمسوغ مقبول شرعا فالهبة لا تصير نافذة إلا إذا توفر فيها شروط نفاذ الهبة، ومنها: قبض الموهوب له وحيازته لما كُتِب في حياة الواهب، بحيث يُخلَى الواهب بينه وبين هذه الأملاك يتصرف فيها تصرف المالك، وإلا اعتبرت لاغية.
وعلى ذلك، فكل هبة لم يقبضها الموهوب له حتى مات الواهب فسبيلها سبيل الميراث، تقسم على جميع الورثة بحسب أنصبتهم الشرعية، وهذا هو الذي يظهر لنا من السؤال.
وعلى أية حال، فإننا ننبه على أن أمر التركات أمر خطير جدا وشائك للغاية، وبالتالي، فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقا لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق.
والله أعلم.