الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد أمر الشرع بصلة الرحم ونهى عن قطعها ، ولم يمنع من صلة القريب الفاسق بل ولا المشرك ، كما بيناه في الفتوى رقم: 66144.
لكن هجر القريب العاصي يدور مع المصلحة ، فإن كان هجره يفيد في ردّه إلى الصواب فهو أولى ، وإن كان الأصلح له الصلة مع مداومة النصح فهو أولى. وانظر الفتوى رقم: 14139.
وإن كانت الصلة تعود بالضرر في دين وخلق وحال الواصل فلا تجب عليه الصلة بالقدر الذي يتضرر منه، فرب هجر جميل خير من مخالطة مؤذية، والخلاصة أن عليكم صلة أختكم بما لا يعود عليكم بالضرر في دينكم أو دنياكم.
فإنّ الشرع لم يحدد لصلة الرحم أسلوباً معيناً أو قدراً محدداً، فتحصل الصلة بالزيارة والاتصال والسلام وكل ما يعده العرف صلة، ومن أعظم الصلة لهذه الأخت وأولادها نهيهم عن المنكر وأمرهم بالمعروف وإعانتهم على الاستقامة ، وننبه إلى أنه ينبغي للمؤمن أن يتسع قلبه رحمة ورأفة للعصاة ، ويرجو لهم الهداية والتوبة ، ولا ينافي ذلك إنكاره للمنكر وبغضه للمعصية ، فإنه لا يكره العاصي لذاته ، وإنما يكرهه لما تلبس به من المعصية.
قال ابن القيم في مشاهد الناس في المعاصي: أن يقيم معاذير الخلائق وتتسع رحمته لهم ، مع إقامة أمر الله فيهم ، فيقيم أمر الله فيهم رحمة لهم ، لا قسوة وفظاظة عليهم. طريق الهجرتين.
وللفائدة راجع الفتوى رقم: 125111، والفتوى رقم: 112462.
والله أعلم.