الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا شك في إساءة مثل هذا العم في مماطلته في قضاء دين أخيه رغم إلحاحه في الطلب، في حين أنه أنفق نفقات كثيرة غير واجبة على نفسه وعلى أولاده، من غير ضرورة ولا حاجة ملحة، وهذا من الظلم والتفريط المحرم، وقد نص أهل العلم على أن الحاكم له أن يعزر المدين القادر على السداد بمنعه من فضول الطعام، فما بالنا بالإسراف في أمور كمالية، قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى الكبرى: لو كان قادرا على أداء الدين وامتنع ورأى الحاكم منعه من فضول الأكل والنكاح فله ذلك، إذ التعزير لا يختص بنوع معين، وإنما يرجع فيه إلى اجتهاد الحاكم في نوعه وقدره إذا لم يتعد حدود الله، ومن ضاق ماله عن ديونه صار محجورا عليه بغير حكم حاكم بالحجر. اهـ.
وراجعي للفائدة عن ذلك الفتوى رقم: 75947.
وجاء في الموسوعة الفقهية: مطل المدين الموسر القادر على قضاء الدين بلا عذر وذلك بعد مطالبة صاحب الحق، فإنه حرام شرعا، ومن كبائر الإثم، ومن الظلم الموجب للعقوبة الحاملة على الوفاء، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: مطل الغني ظلم ـ قال ابن حجر: المعنى أنه من الظلم، وأطلق ذلك للمبالغة في التنفير من المطل.
وقال ابن العربي: مطل الغني ظلم ـ إذا كان واجدا لجنس الحق الذي عليه في تأخير ساعة يمكنه فيها الأداء. وقال الباجي: وإذا كان غنيا فمطل بما قد استحق عليه تسليمه فقد ظلم.
قال ابن القيم: ولا نزاع بين العلماء في أن من وجب عليه حق من عين، أو دين، وهو قادر على أدائه وامتنع منه أنه يعاقب حتى يؤديه. اهـ.
وراجعي للفائدة الفتوى رقم: 125428.
وما دام الوالد لن يقاضي أخاه مطالبة بدينه، ولم يُجدِ الوسطاء في ذلك نفعا، فليصبر وليحتسب، خاصة والمفهوم من السؤال أن هذا العم صار معسرا ومدينا لأناس آخرين، وفي إنظار المعسر والوضع عنه أجر عظيم، وراجعي فيه الفتوى رقم: 95600.
والله أعلم.